للمفعول الأول في باب ظنّ، وإنما قيّده يعني بكونه ثانيةً لأن باب ظنّ من دواخل المبتدأ والخبر، والجملة لا تكون إلا خبرًا. نحو: ظننت زيدًا يقرأ، فإنّ (يقرأ) جملة فعلية مع فاعله، ومفعول ثانٍ لظننت.
اعلم أنّ الفعل المتعدّي إلى المفعولين على ضربين:
قسم يصحّ حمل مفعوله الثاني على الأول.
وقسم لا يصحّ.
والثاني إمّا أن يتعدّى إلى مفعولين بنفسه نحو: كَسَوْتُ زيدًا جُبّةً، أو بالهمزة نحو: أعطيت زيدًا درهمًا. فإنّ هذين المثالين لا يجوز أن يقال: زيد جبة، وزيد درهم. وجعلوا من هذا الباب ما يتعدّى إلى الثاني بواسطة الحرف، ثم حذف اتّساعًا مثل: اختار، واستغفر، وسمّى، وكنّى. الأول يتعدى بمن، والثاني بعن والثالث والرابع بالباء.
ثم الأصل تقديم ما هو الفاعل في المعنى، والمتعدّى إليه الفعلُ بنفسه، ومن ثم لم يجز: أعطيت صاحبه الدّرهم، واخترت أحدهم القومَ، للإضمار قبل الذّكر لفظًا ومعنىً، ويجوز الإقتصار هنا سواء كان ذلك الإقتصار على مفعولين معًا أو على أحدهما.
والقسم الأوّل يسمّى: أفعال القلوب، ويصحّ حمل مفعوله الثاني على الأوّل.
إمّا بنحو ما يقالُ في: علمتُ زيدًا فاضلًا، زيدٌ فاضل.
أو كان بمنزلته كما يقال في: علمت أبا يوسف أبا حنيفة، أبو يوسف أبو حنيفة، ولا يجوز الإقتصار على أحد مفعوليه على الأشهر، مع أنهما في الأصل مبتدأ وخبر، وحذفهما جائز في السّعة لأنّ مفعوليه معًا بمنزلة اسم واحد مضمونهما معًا هو المفعول به في الحقيقة، ولو حذف أحدهما كان كحذف بعض أجزاء الكلمة إلّا فيما وقع في مفعوله (أنَّ) المفتوحة بما بعدها، خفيفة أو ثقيلة، فإنّه واجب الاقتصار عند الأخفش، حيث قال: إن