للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فـ (إنّ): حرف من حروف المشبّهة بالفعل، و (نا) منصوب المحلّ على أنّه اسم (إنّ). و (أعطى) فعل يتعدّى إلى المفعولين، ومسندٌ إلى الفاعل، وهو ضمير المتكلّم. و (الضمير المنصوب) كناية عن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - مفعوله الأوّل.

و (الكوثر) مفعوله الثاني، وجملة (أعطيناك الكوثر) جملة فعلية في محلّ الرّفع.

خبر إنّ وجملة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}: جملة اسمية مستأنفة لا محل [لها] من الإعراب. ونحو قوله تعالى: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} بعدّ بالنّصب إمّا تقدير من، أو أعني، أو بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف مضاف إلى الجملة، {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} بحسب الظاهر ولكن في الحقيقة مضاف إلى المفرد المقدّر فيكون تقدير الكلام بعد قوله تعالى، وإنما قلنا بكذا لأنّ الغايات لا تُضاف إلى الجملة، نصَّ عليه شارح "المفصّل".

و (إنّ): من حروف المشبهة و (العزّةَ): بالنصب اسمه و (لله): في محل الرفع خبره. و (جميعًا): يحتمل أن يكون حالًا من الضمير المستتر في الظرف، أي: مجتمعة، والعامل فيه شبه الفعل وهو الظرف، ويحتمل أن يكون تأكيدًا من إنّ العزَة لله، كما قال في "الصحاح"، وجميعًا يؤكّد به، يقال: جاؤوا جميعًا أي: كلّهم. انتهى.

فجميعًا تأكيد لضمير جاؤوا، وهو الواو. فَعُلِمَ من الكلام ظاهرٌ أنّ لفظة جميعًا بالنصب تأكيد، وإن كان المؤكّد مرفوعًا، بخلاف سائر ألفاظ التأكيد خذ هذا فإنه ينفعك في مواضع شتّى.

وجملة (إنّ العزّة لله جميعًا) لا محل لها من الإعراب مستأنفة، بمعنى التعليل في جواب: لِمَ لمْ أحزنْ؟

كأنّه قيل: لا تحزن بقولهم، أي بإشراكهم وتكذيبهم، ولا تبالِ بهم، لأنّ الغلبة لله جميعًا، لا يملك غيره شيئًا منها فهو يقهرهم فينصرك عليهم.

وليست جملة إنّ العزة لله جميعًا محكيَة بالقول، وهو قولهم. لفساد المعنى لأنّ هذا القول لا يجوز أن يكون مورّثًا للحزن له، إلّا إذا كان بطريق الاستهزاء، وهو احتمال مرجوحٌ لا يذهب