لا يقال هذا لا يُثْبِتُ أن تكون لعلّ من حروف الجر عندهم، لجواز أن يُحمل على الشّاذ، أو يكون اشتهار هذا الرجل بأبي المغوار بالياء، فحكي على أصله، كما قيل: علي بن أبو طالب، وغير ذلك من الوجوه، لأنّ المصنِّف لم يرد به إثبات مذهبهم، بل هو مِثَالٌ مجرّدٌ لجرّ (لعلّ) لأنّ الجرّ بها في لغتهم شائع عند أرباب النحو، لا يحتاج إلى الإثبات.
قال الشيخ الرضي: وعُقَيْل يجرُّونها بـ لعلّ مفتوحة الآخر، وكذا بـ لعلّ مكسورة الآخر، وهي مشكلة لأنّ جرّها عمل مختص بالحروف، ورفعها لمشابهة الأفعال. وكونه حرفًا عاملًا عمل الحروف والأفعال في حالة واحدة لم يثبت، وأيضًا الجارّ لابدّ من متعلّق له لا ظاهرًا ولا مقدّرًا. انتهى.
وفيه كلام لأنّ هذا الإشكال مبني على أنّ الرفع بعدها بـ لعلّ عندهم، وهو غير معلوم وأيضًا استدعاء جميع الجارّ متعلقًا ممنوع.
والثالث: لولا، التي للامتناع في قول بعضهم، أي قول بعض فصحاء العرب: لولاي ولولاك ولولاه، فإذا وقع بعد لولا ضمير مجرور فمذهب سيبويه أنّ لولا في ذلك جارّة ولا يتعلّق بشيء.
اعلم أنَّ (لولا) إذا دخل على الاسم، فالاسم الواقع بعده:
إما مبتدأ، وهو مذهب البصريين.
أو فاعلُ فِعل محذوف وهو مذهب الكسائي.
أو مرفوع بلولا، وهو مذهب الفرّاء.
فيجب على هذه الوجوه الثَّلاثة الانفصال، فلمّا وقع من ثقات العرب استعمال الضمير المجرور بعد (لولا)، فمذهب سيبويه إلى أنَّه ضمير مجرور بـ (لولا)، ولولا حرف جر لا يتعلق بشيء، وحُكي عن الخليل ويونس: أنّ الضمير المجرور بعد لولا مجرور بتقدير المضاف، أي: لولا وجودك، وذهب الأخفش والفرّاء إلى أنّ المجرور بعدها قائم مقام المرفوع، فسيبويه تصرف في لولا، وقال: إنّ لِـ (لولا) مع الضمير شأنًا ليس لها مع المظهر، كما أن لـ لَدُن مع الغدوة شأنًا ليس له مع غيرها.