وقال صاحب المعرفة ابن الحاجب: لتضمنها معنى لام التعريف، لأنَّ معناها استغراق الزمان الماضي جميعه، وهو قول بعض المتقدّمين.
وقال بعضهم: لتضمنها معنى الحرفين، فإنّك إذا قلت: ما رأيت قط، فكأنك قلت: ما رأيتُه مذ خلقني الله حتَّى الآن، وأمّا علّة بنائه على الضمّ، فعند ابن مالك حملًا على قَبْلُ المَنْوِي إضافته، وقال شارح "المفصّل": بناؤها على الضمّ للمبالغة في المعنى، وهذا لأنَّ زيادة اللفظ كما هي لزيادة المعنى، فكذلك قوّة اللّفظ لقوة المعنى.
وهو ظرف لاستغراق ما مضى من الزّمان، يُفهم منه ظاهرًا أن عمومها بحسب الوضع لكن لا يخلو أن يكون عمومها لوقوعها في سياق النفي، ويرشدك قول الجوهري: معناها الزَّمان وقول ابن مالك: لتضمّنه معنى (من) الاستغراقية على سبيل اللزوم.
وما قاله ابن الحاجب: لأنَّ معناها استغراق الزمان الماضي جميعه، وهو قول بعض المتقدمين.
نحو: ما فعلته قط، وقول العامّة: لا أفعله قط لَحْنٌ، أي: خطأ في الكلام. قال الحريري في "دُرّته" وهو أفحش الخطأ لتعارض معانيه وتناقض الكلام فيه، وذلك أنّ العرب تستعمل لفظ (أبدًا) فيما يستقبل، فيقولون: ما كلمته قطّ، ولا أكلمه أبدًا. والمعنى في قولهم: ما كلّمته قط، أي: فيما انقطع من عمري، لأنّه من قططت الشيء إذا قطعته عرضًا. انتهى.
وقال صاحب "التسهيل" ملازمته للماضي دائميٌّ ولم أطلع على خلافه، وللنفي أكثر، وربّما يستعمل بدونه سواء كان لفظًا أو معنىً نحو: كنت أراه قط أي دائمًا. وقد يستعمل بدونه لفظًا لا معنىً نحو هل رأيت الذئب قط؟ هذا هو الحقّ، لكن المصنّفين المحققين استعملوا في تراكيبهم بالمضارع مع نهيهم في مصنّفاته. قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا