للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعراء أن يتزودوا بالاستسلام وقوة الروح كي يتقبلوا ويتحملوا اللحظات السامية.

والمطلوب من الشاعر أن يوجد في قصائده قدرًا من الوحدة العضوية "الفنية" ويمكن الوصول إلى ذلك بالتفكير في منهج القصيدة وفي الأثر الذي يراد إحداثه في سامعيه، وفي الأجزاء التي تتدرج في إحداث هذا الأثر بحيث تتمشى مع بنية القصيدة بوصفها وحدة حية، ثم في الأفكار والصور التي يشتمل عليها كل جزء بحيث تتحرك به القصيدة إلى الأمام لإحداث الأثر المقصود منها، فوحدة التجربة في أبعادها الوجدانية والعاطفية ووحدة الأثر يفضيان بالضرورة إلى وحدة القصيدة، وهذه الوحدة تقتضي ضربًا من التنامي الحيوي وليس التراكم الكمي، لذا ينبغي أن تنمو داخليًا لا أن تكون مجرد سمة خارجية أو رابطة شكلية.

ثانيًا: الصياغة والتشكيل:

اللغة الشعرية ذات خصائص متميزة، فهي تقوم على مبدأ المغايرة للنمط المعتاد في الكتابة النثرية، وكلما استطاع الشاعر الخروج على المألوف والمعتاد واستثمار خصائص اللغة بوصفها مادة التشكيل حقق التأثير المطلوب، فالجانب اللفظي هو لب العملية الإبداعية في الشعر؛ من هنا كان التفكير في عملية التشكيل والصيغة الميدان الحقيقي لعمل الشاعر، ويدخل في إطار ذلك الصورة التي يعبر عنه بعض النقاد بقولهم: إنها تشبه سلسلة من المرايا الموضوعة في زوايا مختلفة بحيث تعكس الموضوع، وهو يتطور في أوجه مختلفة، وهي لا تعكس الموضوع فقط بل تعطيه الحياة والنبض١.

والصورة في الشعر لا تقوم على علاقات عقلية برهانية، لأن؛ البرهان تقرير


١ سيسل دي لويس: الصورة الشعرية، ترجمة د/ أحمد نصيف الجنابي وآخرون، دار الرشيد للنشر، بغداد سنة ١٩٨٢م.

<<  <   >  >>