وتصريح وليس إيحاء، والصورة المجردة تقوم على التوليدات العقلية الجافة غير أن هناك بعض أنماط من الصور ذات الطابع الاحتجاجي تشف عن منازع نفسية عميقة، ووظيفة الصورة في الشعر أنها تحول المشاعر والأحاسيس إلى مرئيات ومحسوسات، غير أنه لا يجوز التوقف عند مظاهر التشابه الشكلي الظاهري بين الأشياء، من هنا كانت الطرافة والمفارقة في الصورة أمرًا مستحبًا.
واستخدام الصورة في الشعر يستلزم وضعها في سياق الحركة الفنية والنفسية للتجربة الشعرية في القصيدة بحيث تسهم في تنمية هذه الحركة وتصاعدها، وحتى إذا كانت تعبر عن الانتقالات النفسية المفاجئة فإن هذه الانتقالات تتماشى مع السياق المتصاعد للقصيدة، لذا كان لا بد أن يكون هناك انسجام بين أجزاء القصيدة بحيث لا تبدو مضطربة أو متناقضة، وحينما تتعقد الصورة وتتكاثف، وتغمض - عند بعض الاتجاهات الحديثة - فإنها تكون موظفة في خدمة هذا التشكل المضطرد في اتجاه التطور والتسامي وفق ما يقولون.
ثمة خصيصة مهمة للصورة الشعرية وهي كلما كانت الصورة توحي وتنشر ظلالها النفسية؛ كانت أكثر وظيفية في الشعر من الصورة التي تقوم على الجانب الوصفي المحض، والعنصر القصصي مثلًا يوفر ظلالًا إيحائية، ويسهم في أحكام الوحدة الفنية ولا بد - حتى تتضح الصورة فيما يختص بالإبداع الشعري - من الإشارة إلى أن ثمة تيارين سادا في فهم نظرية الشعر، فهناك من يرى أن وظيفة الشعر هي إحداث أبلغ الأثر في نفس المتلقي، وكلما كان وقع هذا الأثر شديدًا كانت القصيدة ناجحة، ثم ما لبثت الحساسية الجمالية أن تغيرت في هذا العصر تبعًا لسنة الله في خلقه فاعتمد الشعراء لونًا جديدًا من ألوان البناء في القصيدة، والفرق بين البناء المألوف في القصيدة القديمة والقصيدة الحديثة أن الأولى تتكئ على تضاريس ثابتة لها نموذج مستقر بإطار مسبق، وهذ ما عمد بعض المحدثين إلى تسميته بالإطار المغلق الذي لا يقبل الزيادة أو النقصان، أما