للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسأله عبد الملك عن ذلك فقال: والذي نفسي بيده يا أمير المؤمنين للناس يوم النسار أطوع لحصن بن حذيفة من بعض غلمانك لك.

وقال عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث "توفي سنة ٨٤" يذكر أخذه الشعر والنسب عن الشعراء والنسابين١ "قدم عبد الملك -وكان يحب الشعر- فبعثت إلى الرواة، فما أتت عليَّ سنة حتى رويت الشاهد والمثل وفضولًا بعد ذلك.

وقدم مصعب "توفي سنة ٧٣" وكان يحب النسب فدعوت النسابين فتعلمته في سنة. ثم قدم الحجاج وكان يدني على القرآن، فحفظته في سنة".

وتبدو لنا عناية عبد الملك بالشعر وروايته -فضلًا عما تقدم- في قوله لمؤدب ولده٢: "روهم الشعر، روهم الشعر، يمجدوا وينجدوا. وقال مرة لمؤدب أولاده٣: "أدبهم برواية شعر الأعشى فإن لكلامه عذوبة". وهل أدل على معرفة عبد الملك بالشعر الجاهلي معرفة دقيقة من قوله٤. إذا أردتم الشعر الجيد فعليكم بالزرق من بني قيس بن ثعلبة -وهم رهط أعشى بكر-، وبأصحاب النخل من يثرب -يريد الأوس والخزرج-، وأصحاب الشعف من هذيل "والشعف رءوس الجبال".

بل هل أدل على معرفة عبد الملك بشعر الجاهلية وأخبارها وعنايتة بجمع ذلك مما أورده ياقوت في قوله٥: "كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج: انظر لي رجلًا عالمًا بالحلال، عارفًا بأشعار العرب وأخبارهم، أستانس به وأصيب عنده معرفة، فوجهه إلى من قبلك. فوجه إليه الشعبي، وكان أجمع أهل زمانه، قال الشعبي: فلم ألق واليًا ولا سوقةً إلا وهو يحتاج إلي ولا أحتاج


١ الجاحظ، الحيوان ٥: ١٩٤-١٩٥.
٢ ابن عبد ربه، العقد ٦: ١٢٥.
٣ جمهرة أشعار العرب: ٦٣.
٤ العقد ٦: ١٢٤.
٥ ياقوت، إرشاد ١: ٩٦-٩٧.

<<  <   >  >>