للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدين، ويكفي أن نذكر كلمتي: البخور وعبادة النجوم، لندرك أثر العرب في الأمم المجاورة لهم ولا سيما العبرانيين واليونان"١.

أما نحن فحسبنا هذه الاستشهادات، ولن نعرض بالقول المفصل لهذه الدول، فما زال الحديث عنها مبتورًا يحتاج إلى استكمال التنقيب والكشف في مجاهل الصحراء وبطون الرمال. ولكننا نحب أن نشير إلى أن المستشرق أوليرى قد فصل القول، في فصول كتابه "بلاد العرب قبل محمد"، عن علاقة الأمة العربية بغيرها من الأمم المجاورة لها منذ أقدم الأزمنة، وكشف عن الروابط القوية التي كانت قائمة بين العرب وبين دول ما بين النهرين والمصريين والأحباش والهنود والفرس واليونان والرومان٢.

-٥-

فإذا ما انتقلنا بعد ذلك إلى العصر الجاهلي الأخير وجدنا أن هذه الحضارات العربية جميعها قد انحطت وانقرضت منذ أزمان متفاوتة. ويذهب فريق من الباحثين إلى أن انحطاط هذه الدول العربية وانقراضها إنما يرجع إلى عوامل اقتصادية؛ وهم يرون أن هذا الانحطاط قد بدأت بوادره منذ ابتداء التاريخ المسيحي واستمرت تقوى حتى قوضت أركان هذه الحضارات. وأهم الأسباب التي يوردها هذا الفريق لتعزيز رأيه: زوال المدن العظيمة في سهول جزيرة الفرات بعد سقوط بابل وآشور، وما لهذا الزوال من أثر في الممالك العربية التي كانت منذ القدم السحيق تسيطر على الطرق التجارية. وتلا ذلك زوال الأسواق الفينيقية؛ وأهم


١ Hommel نقلًا عن: farmer, History of Arabian Music, Introduction, ٧٧
٢ وانظر أيضًا: الدكتور جواد على، تاريخ العرب قبل الإسلام ٢: ٢٧٧-٤٢٤؛ ٣: ٢٧٤-٤٢٣.

<<  <   >  >>