للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متصل أن أبا النجم العجلي أنشد هشامًا ... "

وكان لحذف الإسناد أحيانًا علة يذكرها المؤلف، فمن ذلك أن الصولي حذف الإسناد في "أدب الكتاب" وقال١ "قد ذكرت أن أختصر جميع ما أذكره وألقي أسانيده ليقرب على طالبه ومستفيده إلا ما لا بد منه من ذكر نسبته وإسناده".

وكذلك فعل ابن قتيبة -وإن لم يكن صنيعه هذا في الرواية الأدبية الخالصة- فقد نص على حذف الإسناد في كتابه "تأويل مشكل القرآن" وذكر علة ذلك فقال٢ "ولم يجز لي أن أنص بالإسناد إلى من له أصل التفسير إذ كنت لم أقتصر على وحي القوم حتى كشفته، وعلى إيمائهم حتى أوضحته، وزدت في الألفاظ ونقصت، وقدمت وأخرت، وضربت لبعض ذلك الأمثال والأشكال حتى يستوي في فهمه السامعون".

وممن حذف الإسناد أيضًا واكتفى بالنص على آخر من روى عنه: أبو علي القالي، فقد ألف كتاب "البارع" في اللغة "فبناه على حروف المعجم، وجمع فيه كتب اللغة، وعزا كل كلمة إلى ناقلها من العلماء، واختصر بالإسناد عنهم"٣.

ولعلنا لا نعدو بالصواب حينما نخلص من كل ذلك إلى أن الإسناد لم يكن حتى في القرنين الثالث والرابع حين شاع وغلب أصلًا ثابتًا من أصول الرواية الأدبية، ولم يكن أساسًا من الأسس التي يُحتكم إليها في الاستشهاد على صحة هذه الرواية كما كان شأنه في رواية الحديث النبوي. فنحن نرى أن العلماء والرواة، في اللغة والشعر والأخبار، كانوا يقدمون بين يدي ما يروون بإسناد متصل إلى الطبقة الأولى من العلماء الرواة حينًا، وبإسناد منقطع حينًا آخر


١ أدب الكتاب: ٢٨.
٢ المشكل: ١٨.
٣ الزبيدي، طبقات النحويين واللغويين: ٢٠٣.

<<  <   >  >>