للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأعشى قيس، وهو مذكور في كتاب شيخو، يتحدث عن المصلين أو العباد متحلقين حول باب حاميهم مشبهًا تحلقهم بتحلق النصارى حول بيت صنهمهم١، وأحد الأمثلة القليلة التي نجد فيها قسمًا بآلهة وثنية نجده في بيت منسوب إليه٢".

ثم يمضي مرجوليوث في حديثه فيقول٣: "وحيثما يكن النصارى تكن لهم كتبهم المقدسة، وتتأثر لغتهم وأفكارهم تأثرًا كبيرًا بتعبيرات الأناجيل ورسائل الحواريين والأناشيد، ويتخذ شعرهم في الغالب طابع الترانيم ولكن في الشعر -الذي يفترض أنه شعر جاهلي- ندرة كبيرة في الإشارات إلى الكتاب المقدس وتعاليم المسيحية حتى لدى الشعراء الذين ازدهروا في بلاط مسيحي.. وبالرغم من أن الشعراء الجاهليين يقسمون كثيرًا، فهم لا يكادون يختلفون في قسمهم بالله، وهو قسم شائع حقًّا في دواوينهم، حتى إن عبيد بن الأبرص الجاهلي يقسم بلغة القرآن وذلك قوله٤:

حلفت بالله إن الله ذو نعم ... لمن يشاء وذو عفوٍ وتصفاح

وفكرتهم عن أعمال الله لا يستنكرها موحد، فهي قد سبقت في التعبير عما يعبر عنه القرآن في كل التفصيلات على وجه التقريب". ثم يمضي مرجوليوث يضرب لنا الأمثلة على ذلك، فيمثل، ببيت ذي الإصبع العدواني الذي يصف فيه الله بأنه "الذي يقبض الدنيا ويبسطها"، ويمثل ببيت جليلة بنت مرة على أن النساء كن يلجأن إلى الله إذا حزبهن أمر كالثكل، وهو قولها:

إنني قاتلة مقتولة ... ولعل الله أن يرتاح لي


١ يقصد قول الأعشى:
تطوف العفاة بأبوابه ... طواف النصارى ببيت الوثن
"ديوانه ق: ٢، ب: ٥١".
٢ انظر الأغاني ٢٠: ١٣٩.
٣ ص٤٣٥.
٤ ديوانه ق: ٢٤، ب: ٢.

<<  <   >  >>