مشكلة نقلها وحملها، أما ديانتهم وحدها فلن تكون حينئذٍ من بين هذه الصعوبات. ولكن حينما نجدهم يتحدثون كالمسلمين، متشددين في توحيدهم كما صار أصحاب النبي بعد ذلك، وحينما كانوا يرددون صدى أي كتاب مقدس كان هذا الكتاب هو القرآن فإنه من الصعب أن نقبل صحة هذه القصائد، إذ لماذا كان للعرب، الممثلين في النقوش، آلهتهم المحلية المتعددة، بينما لم يكن يعرف شعراء البلاد نفسها إلهًا غير الإله الذي دعا محمد إلى توحيده؟ وحتى لو أننا افترضنا أن النقوش قد صدرت عن مجتمعات تختلف عن مجتمعات الشعراء، فماذا يحدث لرسالة محمد إذا كان الناس الذين "أنذرهم" يعتقدون بإله واحد وينتظرون يوم البعث؟ ولو أننا اتبعنا النقوش فلا بد من الاعتراف بأن جدل القرآن قد كان في موطنه الصحيح الحق، وربما كانت مناسك عبادة المكيين وجيرانهم تختلف عن مناسك عبادة الجهات التي فيها النقوش، ولكنها كانت مشابهة لها إذ أنها من أسرة واحدة. ولكن آراء الشعراء الجاهليين في الموضوعات الدينية تبدو مشابهة، بل مماثلة، لتلك التي يعلمنا إياها القرآن".
٢- والدليل الثاني من الأدلة الداخلية هو: اللغة. ومدار حديثه في هذا الدليل على أمرين: الاختلاف بين لهجات القبائل المتعددة، والاختلاف بين لغة القبائل الشمالية جملة واللغة الحميرية في الجنوب وهو يذكر أن هذا الاختلاف بنوعيه واضح فيما اكتشف من نقوش في شمال شبه الجزيرة وفي جنوبيها. غير أن هذا الشعر الجاهلي كله كما يشير مرجوليوث١ "بلغة القرآن، بالرغم من استخدام كلمة أو صيغة في مواطن متفرقة من هذا الشعر يقال عنها إنها لهجة قبيلة بذاتها أو لهجة إقليم. ولو أننا افترضنا أن أثر الإسلام في قبائل بلاد العرب وحد لغتهم ... فإنه من الصعب أن نتصور أنه كانت ثمة لغة مشتركة -تختلف عن لغات النقوش- منتشرة في أنحاء شبه الجزيرة كلها قبل أن يهيئ الإسلام هذا العنصر الموحد ... وليس بين أيدينا أي دليل على أنه كان في