تحوي الألفاظ التي يبحثون عن معناها. وتعتمد المعاجم كل الاعتماد على الشعر القديم وعلى القرآن والحديث، وتفترض صحة الشعر كما تسلم بصحة القرآن والحديث".
-٣-
وتحدث جورجيو ليفي دلا فيدا في مقالته "بلاد العرب قبل الإسلام" عن قيمة المصادر التاريخية لهذه الفترة، وعرض في حديثه للشعر الجاهلي من حيث هو مصدر من هذه المصادر، فقال١: "حين نحاول البحث في العصور الوسيطة في بلاد العرب "يقصد الجاهلية الأخيرة" نواجه المشكلة نفسها التي واجهتنا في دراستنا لبلاد العرب القديمة "أي الجاهلية الأولى". وما نعرفه ليس بالكثير، إذا قيس بما نجهل، والمجال متسع للفروض الظنية. وأيًّا كان، فإن أسباب فقدان القطع واليقين في دراستنا لتاريخ تلك الفترة أسباب مختلفة اختلافًا تامًّا: فإن مصادر تاريخ بلاد العرب في القرون السابقة لظهور الإسلام مباشرةً مصادر أدبية في أغلبها، وليست نقوشًا كمصادر تاريخ بلاد العرب القديمة. وهي غزيرة وافرة، وربما كانت أوفر مما ينبغي فإننا نعاني من كثرتها لا من قلتها. ولكن قيمتها للأسف لا تعادل وفرة عددها، فإن المعلومات التي تنقلها إلينا ليست مأخوذة من وثائق أولية. وهي تشبه -من بعض وجوهها- المصادر التي نعرفها عن التاريخ اليوناني والروماني واليهودي. وأكثر المصادر العربية أخبار جمعها علماء العصور الإسلامية ورتبوها. والأدلة المباشرة يقدمها لنا الشعر الذي وصل إلينا عن طريق ما قام به العلماء المسلمون من اختيار وشرح. أما الأدلة التاريخية، وهي غير مباشرة، فلا يصح أن يعتمد عليها من غير نقد وتمحيص.
ونتائج النقد والتمحيص تجيء -عادة- متباينة. فإن جماعة من العلماء المعاصرين
١ Giorgio Levi Della Vida, pre - Islamic Arabia, the Arab Heritage, Now Jarsy, ١٩٤٤ p. ٤١-٤٨.