للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد الشيء منها، فيزيدونني على رواية أبي عكرمة البيت والتفسير، وأنا أذكر ذلك في موضعه إن شاء الله. فلما فرغنا منها صرت إلى أبي جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح فقرأتها عليه من أولها إلى آخرها شعرها وغريبها، فأنكر على أبي عكرمة أشياء أنا مبينها في مواضعها ومسند إلى أبي جعفر ما فسر وروى في موضعه إن شاء الله؛ والمعين الله جل وعز والحول له والقوة به. وعمود الكتاب على نسق أبي عكرمة وروايته".

ومع هذا الإسناد، والرواية الكاملة، والتحقيق والاستقصاء اللذين بلغا الغاية في الدقة، فإن هذه المجموعة من المختارات لم تسلم من الشك في عدد قصائدها وفي أنها جميعًا مما روى المفضل. وتفصيل ذلك: أن أبا علي القالي قال١: "وقرأت على أبي الحسن علي بن سليمان الأخفش في المفضليات قصيدة عبد يغوث بن وقاص الحارثي ... وقال أبو الحسن علي بن سليمان: حدثني أبو جعفر محمد بن الليث الأصفهاني قال: أملى علينا أبو عكرمة الضبي المفضليات من أولها إلى آخرها، وذكر أن المفضل أخرج منها ثمانين قصيدة للمهدي، وقرئت بعدُ على الأصمعي فصارت مائة وعشرين. قال أبو الحسن، أخبرنا أبو العباس ثعلب: أن أبا العالية الأنطاكي والسدري، وعافية بن شبيب -وهؤلاء كلهم بصريون من أصحاب الأصمعي- أخبروه أنهم قرءوا عليه المفضليات، ثم استقرءوا الشعر فأخذوا من كل شاعر خيار شعره، وضموه إلى المفضليات، وسألوه عما فيه مما أشكل عليهم من معاني الشعر وغريبه فكثرت جدًّا".

ونحن نرى من هذا النص أمورًا، منها: أن ثمة تلميذًا غير أبي محمد القاسم بن محمد بن بشار الأنباري، أخذ المفضليات إملاءً عن أبي عكرمة، وهو أبو جعفر محمد بن الليث الأصفهاني. وأن أبا جعفر هذا قال إن أبا عكرمة ذكر أن أصل المفضليات التي اختارها المفضل ثمانون قصيدة فقط، ثم قرئت


١ الأمالي ٣: ١٣٠.

<<  <   >  >>