للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الأصمعي فصارت مائة وعشرين. ثم إن ثعلبًا روى عن ثلاثة من أصحاب الأصمعي أنهم قرءوا عليه المفضليات، وأنهم بعد ذلك استقرءوا الشعر فأخذوا من كل شاعر خيار شعره وضموه إلى المفضليات وسألوا الأصمعي عن معانيه وغريبه، وبذلك كثرت المفضليات جدًّا.

فإذا صحت هذه الرواية، فمعنى ذلك أن ثلثي القصائد المذكورة في هذه المجموعة فقط من اختيار المفضل، وأن سائرها من الزيادات التي أضافها الأصمعي وتلاميذه. غير أن في هذا الخبر ما يستوقف الباحث، وذلك أن أبا محمد القاسم بن محمد بن بشار الأنباري قد أخذ هذه المفضليات إملاء مجلسًا مجلسًا عن أبي عكرمة الضبي، فلو أن أبا عكرمة ذكر في مجالسه "أن المفضل أخرج ثمانين قصيدة للمهدي، وقرئت بعدُ على الأصمعي فصارت مائة وعشرين" لسمعها ابن الأنباري -كما سمعها محمد بن الليث الأصفهاني فيما روى الأخفش- ولأثبتها في هذه المقدمة المفصلة التي بيَّن لنا فيها كيف أخذ المفضليات وشرحها. هذه واحدة؛ ثم إن أبا عكرمة ذكر أنه أخذ هذه القصائد عن ابن الأعرابي ما عدا ستًّا منها وهي في المطبوعة بتحقيق ليل رقم ٣و ١٣ و ١٦ و ١٩ و ٣٠ و ٣٢، إذ إن ابن الأنباري لم يروها عن أبي عكرمة وإنما ذكر أنه رواها عن أبي جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح، وأبو جعفر هذا سمع ابن الأعرابي وأخذ عنه، وقد عاصر ابن الأعرابي الأصمعي، ولكنه كان شديد العصبية للكوفيين، ولشيخه المفضل خاصة، خصمًا للأصمعي كثير النيل منه والتنقص له. فإذا كانت هذه القصائد الست والعشرون كلها رواها ابن الأعرابي عن المفضل كما ذكر ابن الأنباري؛ فإن من غير المحتمل أن يكون ابن الأعرابي قد روى -زيادة على ما اختاره المفضل- الإضافات التي زادها الأصمعي وتلامذته. هذه ثانية؛ وأما الثالثة: فإن ابن النديم قد ذكر في كتابه "الذي كتبه سنة ٣٧٧" أن المفضليات١ "مائة وثمانٍ وعشرون قصيدة.... والصحيحة التي رواها عنه ابن الأعرابي".


١ الفهرست: ١٠٢.

<<  <   >  >>