للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تنبه ليل لكل ذلك وأورده في مقدمة طبعته من المفضليات١، وانتهى من ذلك إلى قوله "ولهذه الأسباب يبدو أننا لا نستطيع أن نسلم بالخبر الذي رواه الأخفش؛ ومع ذلك فإن هذه المسألة ليست مما يمكن حله حلًّا قاطعًا؛ أما مسألة صحة هذا الشعر ونسبة قصائده إلى قائليها، فإن مكانة الأصمعي في الرواية والحكم على مثل هذه الأمور لا تقل في قيمتها وعلوها عن مكانة المفضل".

ولكن يبدو أن الأستاذين أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون لم يطمئنا إلى ما اطمئن إليه ليل، وإنما أعادا -في طبعتهما للمفضليات- هذا الموضوع جذعًا، فأكدا "أن هذه الثمانين هي أصل الكتاب عن المفضلن لم يتجاوزها، ثم قرئت على الأصمعي، فأقرها وزادها قصائد، وزاد في بعض قصائدها أبياتًا، واختار قصائد أخر. ثم جاء من بعد الأصمعي، وزادوا في القصائد -أصلها ومزيدها- أبياتًا دخلت في روايتي المفضل والأصمعي، حتى اختلطت كلها، فلم يكن ميسورًا أن يجزم جازم بما كان أصلًا وما كان مزيدًا، إلا قليلاً، ونحن موقنون أن السبعين التي بُني عليها الكتاب، والعشرة التي زادها المفضل، ليست الثمانين الأولى من هذه المجموعة، وإنما هي ثمانون قصيدة مفرقة في الكتاب، لا نوقن في قصيدة بعينها أنها منها أو من غيرها إلا قليلًا أيضًا٢".

وواضح أن هذا الكلام مأخوذ من الخبر الذي رواه الأخفش وأورده القالي في أماليه، ولكن الأستاذين المحققين، قد بحثا بحثًا طويلًا، فيه استقصاء دقيق، عن أدلة يؤيدان بها هذا الخبر، وأن قصائد من الأصمعيات أدخلت في المفضليات. وقد فصلا القول في ذلك في مقدمة طبعتهما، ولسنا بحاجة إلى أن نعيده هنا فليراجع في موطنه؛ غير أننا قد نذكر بعضه موجزًا في الحديث التالي.


١ ص١٥-١٦.
٢ المفضليات ط. دار المعارف: ١٢.

<<  <   >  >>