أما الأصمعيات فاثنتان وتسعون قصيدة ومقطعة١، لواحد وسبعين شاعرًا؛ منهم ستة شعراء إسلاميون، وأربعة عشر شاعرًا مخضرمون، وأربعة وأربعون جاهليون، وسبعة مجهولون ليست لهم في المظان تراجم تكشف عن عصرهم.
وليس في النسخة الخطية التي طبع عنها وليم بن الورد الطبعة الأوربية، ولا في النسخة الخطية المحفوظة في دار الكتب التي طبع عنها الأستاذان عبد السلام هارون وأحمد محمد شاكر الطبعة المصرية إسناد يكشف عن الرواية التي انتقلت بها هذه المختارات من الأصمعي. وذلك -في رأينا- عيب النسختين الخطيتين نفسهما، أو عيب النسخة أو النسخ التي نقلت عنها هاتان النسختان، وليس عيبًا في تاريخ الرواية الأدبية؛ لأننا قد رأينا حرص العلماء الرواة على ذكر الإسناد الذي انتقلت إليهم به الدواوين والمجموعات الشعرية؛ ولو وصلت إلينا النسخ الأصلية القديمة التي كتبها العلماء أنفسهم الرأينا في كل نسخة -على عادتهم التي لا يشذون عنها- إسنادًا متصلًا، ورواية تامة يكونان مصدرًا خصبًا للدراسة والبحث.
أما إسناد الأصمعي عمن قبله، فقد ذكرنا من قبل أن الأصمعي ومن في طبقته من علماء المدرستين: البصرية والكوفية، كانوا الطبقة الأولى من الرواة العلماء، وأن مَن بعدهم قد روى عنهم وأسند روايته حتى ارتفعت إليهم ثم انتهت عندهم، وأنهم هم لم يكونوا يسندون إلا في القليل النادر، وأضفنا إلى ذلك أن إغفال الطبقة الأولى للإسناد لا يعني انقطاع الرواية، بل لقد وضحنا أن الرواية كانت متصلة مسلسلة من آخر العصر الجاهلي وصدر الإسلام حتى
١ ذلك عددها في الطبعة المصرية بتحقيق الأستاذين عبد السلام هارون وأحمد محمد شاكر، وأما الطبعة الأوربية بتحقيق وليم بن الورد فليس فيها إلا سبع وسبعون قصيدة ومقطعة.