للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجموعة هذه الصحف كتابًا أو ديوانًا مؤلفًا.

والثاني: استيفاء للأول، وهو بيان المظهر اللغوي، أو الصورة اللغوية للتدوين في ذلك العصر المبكر، فجمعنا من الألفاظ التي وردت في نصوصهم وأخبارهم والتي كانوا يطلقونها ليدلوا بها على مجموعة الصحف المدونة، والتي كانت تختلف عن ألفاظهم الدالة على الصحيفة المفردة جمعنا من كل ذلك ما يدعم معرفتهم بالتدوين.

والثالث: أننا عرضنا من الروايات والنصوص عن تدوين الحديث والفقه، والتفسير، والمغازي والسيرة، ما لا يبقى معه شك في أن بعضها كان يدون منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعهد صحابته.

أما الشعر الجاهلي نفسه فقد دون منذ هذا العهد المبكر تدوينًا عامًّا ضمن هذه الموضوعات التي ذكرناها للاستشهاد به، أو الاحتجاج، أو التمثل، أو تفسير الألفاظ وشرح غريبها. وكان مدونو الحديث والتفسير والمغازي والسيرة هم من رواة الشعر وحفاظه. ودون فضلًا عن ذلك تدوينًا خاصًّا مستقلًا. فجمعنا من الأخبار والروايات ما تقطع بأن الشعر الجاهلي كان مدونًا في القرن الأول الهجري، وأن العلماء الرواة في القرن الثاني قد وصلهم بعض هذه المدونات الشعرية واعتمدوها أصلًا من الأصول التي استقوا منها ما جمعوا لمن هذه الشعر.

ثم أصفنا إلى هذه الأخبار والروايات الصريحة دليلًا ثانيًا على أن العلماء الرواة في القرن الثاني قد أخذوا من المدونات، وهو ما وقعوا فيه من تصحيف، ثم جمعنا أمثلة على التصحيف الذي لا يمكن أن يكون من خطإ في السماع، وإنما ينشأ من خطإ في القراءة.

وإذا كان ذلك كله ينتهي بنا إلى أن هذا الشعر الجاهلي قد كان مدونًا في القرن الأول الهجري، فقد قطعنا شوطًا آخر قبله، وجمعنا من النصوص والأخبار ما يرجح أن بعض هذا الشعر قد كان مدونًا منذ الجاهلية نفسها، وحين استوى بين أيدينا كل ذلك زدنا عليه حديثًا موجزًا عن كتب القبائل والنسب، وعن كتب العلم التي كانت تشتمل على بعض الحكم والأمثال وجوامع الكلم، وأن

<<  <   >  >>