ثم كان لابد لنا أن نعرض آراء القدماء والمحدثين في صحة الشعر الجاهلي، فمهدنا لهذا الباب بحديث موجز عن "المشكلة الهومرية"، وعرضنا للوجوه الكثيرة من التشابه القريب بين الشعرين: العربي الجاهلي والهومري، وانتهينا إلى بيان جهود الدارسين الأوربيين في ثلاثة أمور؛ أولها: من نظم الإلياذة والأوديسة، وصحة نسبتهما إلى هرمز. وثانيها: وسيلة حفظ الشعر الهومري: أكانت الرواية الشفهية أم الكتابة. وثالثها: المدارس اللغوية القديمة التي درست شعر هومر ونقدته بعد أن جمعته ودونته.
ثم تحدثنا في الفصل الثاني عن آراء القدماء، من علماء العرب، في الوضع والنحل، وألممنا بما جاء في كتبهم من إشارات متفرقة إلى ذلك ورتبناها، ثم فصلنا القول في كتاب السيرة لابن إسحاق واستدراكات ابن هشام عليه؛ وفي كتاب طبقات فحول الشعراء لمحمد بن سلام.
وعقدنا الفصل الثالث لبيان آراء المستشرقين في صحة الشعر الجاهلي، فعرضنا عرضًا مفصلًا لآراء مرجوليوث، وليال، ودلا فيدا، وبذلنا أقصى الجهد في نقل أدلتهم وبراهينهم وردودهم مفصلة واضحة.
ثم انتقلنا في الفصل الرابع إلى الحديث عن آراء المحدثين: فعرضنا رأي المرحوم الأستاذ مصطفى صادق الرافعي وهو أول من طرق هذا الموضوع من المحدثين. ثم أسهبنا في بيان رأي الدكتور طه حسين، وردود الذين ألفوا كتبًا في الرد عليه. واستغنينا بردودهم عن التفصيل في الرد لسببين:
أولهما: أننا التزمنا -كما نبهنا على ذلك في مواطن متفرقة- منهجًا واضحًا في كتابة هذا البحث، يقوم على الدراسة الخارجية لمصادر الشعر الجاهلي من غير أن نخوض في تفصيلات الدراسة الداخلية وأجزائها، والكثرة الغالبة من