هذا إلى ما له في أصل التعريف من الجمع بين مختلفي الحد في حدّه، لأنه جمع نوعي الظرف، وهما مختلفان، وليس من شأن أهل الحدود أنْ يجمعوا في حدٍ واحد بين محدودين مختلفين، كما لا يجمعون بين الانسان والفرس فيحدونهما بحدٍ واحد، ولا بين النبات والحيوان قاصدين لتعريف كل نوع بما يخصه. وهذا فعل الناظم في حدّه الظرف، فلم يستقم هذا التعريف لا من جهة ترتيب الحد في نفسه، ولا من جهة حصول المقصود به، وهو العلم بالمحدود.
والجواب عن الأول: أنّ مراده، حاصلٌ مفهوم من حيث انتصب لصناعة الألفاظ، وهو النحو، ولم يقصد بيان الظرف المعنوي، فذلك الذي يُعيِّن أنّه على حذف المضاف أي: اسم وقت أو اسم مكان، وكذلك قوله:"ضمنا في" معلوم أن المضمن ليس نفس الحرف الملفوظ به بل معناه. وهذا ظاهر.
وعن الثاني: أنّ تضمين معاني الحروف على ضربين:
أحدهما: تضمين في أصل الوضع، فيكون الاسم في أصله موضوعًا للدلالة على معنى الحرف. وهذا هو التضمين الموجب للبناء:
والثاني: تضمينٌ طاريءٌ على الاسم بعد وضعه غير مضمّن معنى حرف، فأسماء الزمان والمكان موضوعة للدلالة على ما وُضِعَت له من معاني الأسماء كسائر أسماء الأجناس، فيومٌ في الزمان كرجل في الأناسي، ويمين وشمال في المكان كذلك أيضًا، ولا تضمين في شيء منها ثم إنّهم أرادوا الدلالة على تعيين وقوع الفعل في الزمان أو في المكان فضمّنوا الظرف ذلك حالة التركيب، فالتضمين ههنا بعد استقرار الدلالة الإفرادية، وذلك ليس بموجبٍ للبناء، كما لم