للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحذف حكم لفظيٌّ لا تقديري، فإذا كان كذلك فكأنَّه قال / ((نوناً تلي الإعرابَ ٣٣٥ أو تنوينا)) ظهرا فيما أريدت إضافتُه احِذْف وأزل حتى تتأتى الإضافة، لأن المضاف إليه قائم في محل تنوين المضاف، فإذا لم يُوجَدْ نونُ ولا تنوينٌ، فالمحلُّ قابلً لوقوع المضاف إليه هناك. وأحمر وذكرى ونحوهما لا تنوين فيها ولا نون، فلا يحتاج إلى حذف شيء.

والدليل على ذلك وأَنّ مُراده الظاهرُ من التّنوين أو النون تقييده بالتمثيل، وهو طور سيناءَ، إذ كان التنوين في طورٍ ظاهراً حالة ترك الإضافة، فكأنه يقول: إن كان ثَمَّ تنوينٌ أو نونٌ حذَفْتَه، وإلاّ فلا حاجة إلى أمر زائد، وإلاّ فكيف يُصنع بما لا نونَ فيه ولا تنوينَ، لا ظاهرٍ ولا مُقَدَّرٍ، ولا يصح فيه ذلك، نحو: كم دِرْهمٍ أعطيتَ؟ فإنَّ درهمٍ)) مضاف إليه كم، وكم مبنُّي بحق الأصل، وكذلك لَدُنْ مبنية بالإصالة وهي مضافة نحو: من لَدُنْه ومن لدنِّي وما أشبه ذلك، فأين تقديرُ التنوين (١)؟ وهو إنما يتبع في هذا النحو حركةَ الأعِرابِ، وكذلك تَقُولُ: إذا أَضَفْتَ المثنّى والمجموع بالواو والنون، وقد حذفت النون لتقصير الصلة نحو (٢): [الفارِجُو بابِ الأميرِ المبْهَمِ] لا نون هنا فَتُحذفَ فلابد أن يقال: إنَّ مراده التنوينُ والنونُ الظاهرانِ خاصةً، وَإِلاَّ (٣) كان كلامُه مُشْكِلاً.

والجواب أنَّ رأي المؤلِّفِ هو الأوّلُ، وأنَّ الحذف يَتَسلَّط على المقدَّر، كما يَتَسلَّط على الظاهر، وذلك أنه لما قام الدليل على أن مالا ينصرف مقدر فيه التنوين، وأن الاضطرار هو الذي بين ذلك، بدليل أن مالا يُقدَّر


(١) في صلب الأصل: النون. والمثبت عن الهامش، س.
(٢) يُنْسَبُ إلى رجُلٍ من ضبَة، والبيت في الكتاب ١/ ١٨٥، والمقتضب ٤/ ١٤٥، والجمل للزجاجي ٨٩.
(٣) س: وإن كان. وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>