أحدها الاشتقاق وهو على قسمين أصغر وأكبر فالأصغر
ردُّ الكلمة في دلالتها على معناها إلى مادتها ليُتَحقَّق بها لفظًا ومعنى وذلك
أنّ الكلمة لها دلالتان دلالةُ مادةٍ ودلالةُ صيغةٍ إلا أنّ دلالة الصيغة مبنية على
دلالة المادة فهي الأصل لدلالة الصيغة فالاشتقاق يردّ الكلمة إلى أصلها
وهي المادةُ الدالة التي هي الفاء والعين واللام وقوله «ليُتَحقَّق بها لفظًا
ومعنى» بيان للعلة التَّمامِية في الاشتقاق وهي أن تصير الكلمةُ عن الناظر
فيها محقَّقة اللفظ من جهة الأصالة والزيادة والصحة والإعلال وشبه
ذلك ومحقَّقة المعنى من جهة معرفة دلالة المادة من دلالة الصيغة وكيف
ارتبطت الدلالتان حتى حصل تمامُ معنى الكلمة فيصير عالما بها من كل
الجهات هذا هو الحد الذي ارتضيتُه في كتابي المسمى بعنوان الاتفاق في
علم الاشتقاق
وأما الأكبر فهو الحد بنفسه إلا أنك تُعوِّض من قولك «مادتها»
قولّك «حروفها الأول» وإنما كان ذلك لأن المادة أخص من الحروف الأول
فإذا قلت مثلا إن الأَوْلَقَ مشتق من وَلَقَ إذا أسرعَ والأَوْلَقُ الجنون وهو
موصوف بالسرعة فقد رددت الأولق إلى مادته التي بُني منها وهي د ل
ق ويصح لك أن تقول إنك رددته إلى حروفه الأول وإذا قلت إنّ اقلولى
مشتق من وَلَق لأنّ الاقليلاء الخفّةُ والطيش من الكِبْر وهي سرعةٌ ظاهرة فقد
[٤٥٠]