للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ: يا أصْمَعِيُّ هَذَا مِنَ التَّشْبِيْهَاتِ العُقْمِ (١) الَّتِي لَا تُنْتَهَج.

قُلْتُ: هُوَ كَذَلِكَ يا أمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. وَبِمَجْدِكَ آلَيْتُ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا وَصَفَ شِعْرًا أحْسَنَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَا استَطَاعَ بُلُوْغَ هَذِهِ الغَايَةِ.

قَالَ: مَهْلًا لَا تَعْجَل أتَعْرِفُ أحْسَنَ مِنْ قَوْلِ الحُطَيْئَةِ يَصِفُ لُغَامَ نَاقَتِهِ، أَوْ تَعْلَمُ أحَدًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ شَبَّهَ تَشْبِيْهَهُ حَيْثُ يَقُوْلُ (٢): [من الطويل]

تَرَى بَيْنَ لَحْيَيْهَا إِذَا مَا تَزَغَّمَتْ ... لُغَامًا كَبَيْتِ العَنْكَبُوْتِ المُمَدَّدِ (٣)

فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أحَدًا تَقَدَّمَهُ، أَوْ أَشَارَ إلَى هَذَا التَّشْبِيْهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ.

قَالَ: أتَعْرفُ أبْدَعَ أَوْ أوْقَعَ مِنْ تَشْبِيْهِ الشَّمَّاخِ لِنَعَامَةٍ سَقَطَ رِيْشُهَا، وَبَقِيَ أثَرَهُ فِي قَوْلِهِ (٤): [من البسيط]

كَأَنَّمَا مُنْثَنَى أقْمَاعِ ما مَرَطَتْ ... مِنَ العِفَاءِ بِلِيتَيْهَا ثَآلِيلُ (٥)


(١) تَفْسِيْرٌ:
قَوْلهُ مِنَ المَعَانِي العُقْمِ شُبِّهَتْ بِالرِّيْحِ العَقِيْمِ الَّتِي لَا تُنتِجُ ثَمَرَةً وَلَا تُلْقِحُ شَجَرَةً أي لَمْ يَسْبَق إِلَى افْتِرَاعَهَا سَابِقٌ وَلَا يُمْكِنْ أَنْ يُوْلِّدَهَا فِيْمَا بَعْدُ سَارِقٌ وَلَا يَطْرقُ مَعْنَاهَا طَارِقٌ وَلَا يَبْلَغُ مَدَاهَا لَاحِقٌ.
(٢) ديوان الحطيئة ص ١٥٥.
(٣) قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: سُمِّيَ الزَّبَدُ الَّذِي يَخْرجُ مِنْ فَمِ النَّاقَةِ اللُّغَامُ لأنَّهُ يَصِيْرُ عَلَى المَلَاغِمِ وَهِيَ مَا حَوْلَ الفَمِ. وَأَنْشَدَنِي السَّيِّدِ النَّقِيْبُ الطَّاهِرُ جَلَالُ الدِّيْنِ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ المُصْطَفَى بنِ السَّيِّدِ النَّقِيْبِ الطَّاهِرِ السَّعِيْدِ رَضيِّ الدِّيْنِ أَبِي القَاسَمِ عَلِيّ بن مُوْسَى جَعْفَرُ ابن مُحَمَّدٍ الطَّاوُوْسِ الحَسَنِي أيَّدَهُ اللَّهُ بِتَوْفِيْقِهِ لِلسَّيِّدِ الرَّضِيّ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ:
بكُلِّ مُقَلِّدَةٍ بِالنُّسُوعِ ... كَأَنَّ اللُّغَامَ لَهَا بُرْقَعُ
(٤) ديوان الشماخ ص ٢٧٨.
(٥) وَيُرْوَى: الثَّآلِيْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>