للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَقْسَمْتُ يا عَمْرُو لَوْ نَبَّهَاكَ ... إِذًا نَبَّهَا مِنْكَ دَاءً عُضَالَا

إِذًا نَبَّهَا لَيْثَ عِرِّيْسَةٍ ... مُفِيْتًا مُفِيْدًا نُفُوْسًا وَمَالَا

وَخَرْقٍ تَجَاوَزْتَ مَجْهُوْلَهُ ... بِوَجْنَاءَ لَا تَتَشَكَّى الكَلَالَا

فَكُنْتَ النَّهَارَ بِهَا شَمْسَهُ ... وَكُنْتَ دُجَى اللَّيْلِ فِيْهَا الهِلَالَا (١)

فَانْظُرْ إِلَى دِيْبَاجَةِ هَذَا الكَلَام مَا أَصْفَاهَا، وَإلَى تَقَاسِيْمِهِ مَا أَوْفَاهَا، وَانْظُرْ قَوْلَهَا مُفِيْتًا مُفِيْدًا، وَوَصْفهَا إيَّاهُ بِالشّمْسِ بِالنَّهَارِ، وِبِالهِلَالِ فِي اللَّيْلِ، تَجِدِ المُطْمِعَ المُمْتَنِعَ، القَرِيْبَ البَعِيْدَ (٢).

وَوُقُوْعُ الحَافِرِ عَلَى الحَافِرِ:

وَيُسَمَّى المُوَارَدَةَ وَالاشْتِرَاكَ فِي اللَّفظِ وَالمَعْنَى أَوْ كِلَيْهِمَا. قَالَ الأَصمَعِيُّ (٣): قُلْتُ لأَبِي عَمْرِو بنِ العَلَاءِ: أَرَأَيْتَ الشَّاعِرَيْنِ يَتَّفِقَانِ فِي المَعْنَى، وَيَتَوَارَدَانِ فِي اللَّفْظِ، لَمْ يَلْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَلَا سَمِعَ شِعْرَهُ؟ فَقَالَ: تِلْكَ عُقُوْلُ رِجَالٍ تَوَافَتْ عَلَى ألْسِنَتِهَا. وَقَدِ اعْتَدَّ قَوْم ذَلِكَ سَرَقًا، وَلَيْسَ بِسَرَقٍ وَإِنَّمَا هِيَ ألْفَاظٌ مُشْتَرَكَة مَحْصُوْرَةٌ يَضطَرُّ الشَّاعِرُ إِذَا اعْتَمَدَ النَّظْمَ فِي مَعْنَاهَا إِلَى المُوَارَدَةِ فِيْهَا عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَذَلِكَ لاتِّسَاعِ الكَلَامِ، وَتَقَارُبِ طِبَاعِ الشُّعَرَاءِ بَعْضهَا مِنْ بَعْضٍ في


(١) وَمِمَّا يَجْرِي مَجْرَى هَذَا الشِّعْر وَصْفُ الوَرْدِ الأَحْمَرِ وَالأَبْيَضِ (١):
قَرَاحُ وَرْدٍ مُوْيقٌ نَبْتُهُ بِالحُـ ... ـسْنِ وَالبَهْجَةِ مَنْعُوْتُ
مُبْيَضَّةٌ فِيْهِ وَمُحْمَرَّةٌ ... كَأَنَّهُ دُرٌّ وَيَاقُوْتُ
(٢) وَذَلِكَ كَمَا قَالَ أَبُو نَصْر بن نُبَاتَةَ يَصِفُ شِعْرَهُ (٢):
خُذْهَا إِذَا أَنْشَدْتَ فِي القَوْمِ مِنْ طَرَبٍ ... صُدُوْرُهَا عُلِمَتْ مِنْهَا قَوَافِيْهَا
يَنْسَى لَهَا الرَّاكِبُ العَجْلَانُ حَاجَتَهُ ... وَيُصْبِحُ الحَاسِدُ الغَضْبَانُ مطرِيْهَا
(٣) العقد الفريد ٥/ ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>