للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غَلَبَ عَلَى ضَوْءِ الشَّمْعِ، فَأَشَارَ إِلَى خَادِمٍ عَلَى رَأسِهِ أَنْ مَكِّنْهُ، وَقَالَ: هِيَ ثَلَاثَةُ آلَافِ ألْفِ دِرْهَمٍ، فَدُوْنَكَ فَاحْتَمِلْ ثَلَاثِيْنَ - وَانْصَرِفْ بِهَا إِلَى مَنْزِلِكَ، وَنَهَضَ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَأمَرَ الخَدَمِ بِمُعَاوِنَتِي عَلَى - حَمْلِهِ فَاحْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَدْرَةً لَا يَكَادُ يُقِلُّهَا، فَكَانَتْ أَسْعَدَ ليْلَةٍ ابْتَسَمَ الصَّبَاحُ فِيْهَا عَنْ نَاجِذِ الغِنَى.

أخْبَرَ أَبُو عُمَرَ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنِ أبِي نَصرٍ عَنِ الأَصْمَعِيِّ. قَالَ: أجْمَعَ أَبُو عَمْرُو بن العَلَاءِ وَخَلَفٌ الأحْمَرُ وَيُوْنسٌ، وَهَؤُلَاءِ أهْلُ العِلْمِ بِالشِّعْرِ، عَلَى أنَّ التَّشْبِيْهَاتِ العُقْمَ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا أصحَابُهَا، وَلَمْ يَشرِكهُم أحْدٌ فِيْهَا مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَلَا مِمَّنْ تأخَّرَ أَبْيَاتٌ مَعْدُوْدَةٌ أحَدُهَا قَوْلُ عَنْتَرَةَ فِي تَشْبِيْهِ حَنَكِ الغُرَابِ (١): [من الكامل]

ظَعَنَ الَّذِينَ فرَاقَهُمْ أتَوَقَّعُ (٢) ... وَجَرَى بِبَيْنِهمُ (٣) الغُرَابُ الأَبْقَعُ

خَرِقُ (٤) الجَنَاحِ كَأَنَّ لَحْيَيْ رَأسِهِ ... جَلْمَانُ بِالأَخْبَارِ هَشٌّ مُوْلَعُ


= مِنْ كُلِّ زَاهِرَةٍ تَرَقْرَقَ بِالنَّدَى ... فَكَأَنَّهَا عَيْنٌ عَلَيْهِ تَحَدَّرُ
تَبْدُو وَيَحْجِبُهَا الحَمِيْمُ كَأَنَّهَا ... عَذْرَاءُ تَبْدُو تَارَةً وَتَخْفَرُ
خَلْقٌ أَطَلَّ مِنَ الرَّبِيْعِ كَأَنَّهُ ... خَلْقُ الإِمَامِ وَهَدِيُهُ المُسْتَبْشَرُ
فِي الأَرْضِ مِنْ عَدْلِ الإِمَامِ وَجُوْدِهِ ... وَمِنَ الرَّبِيْعِ الغَضِّ سُرْجٌ تَزْهَرُ
يَنْسَى الرَّبِيعُ وَمَا يَرُوْضُ وُجُوْدُهُ ... أَبَدًا عَلَى مَرِّ اللَّيَالِي يُذْكَرُ
قَالَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَحَلَّ حُبْوَتَهُ فَكَانَ آخِرُ عَهْدِي بِمُؤَانَسَتِهِ وَغَلُظَ ذَلِكَ عَلَى المُبَرَّدِ وَقَدَحَ فِي حَالِي عِنْدَهُ.
(١) شرح ديوانه ص ١٠٣.
(٢) وَيُروَى: ذَهَبَ الذّيْنُ.
(٣) البَيْنُ: الفِرَاقُ يقال بَانَ بَيْنَ بَيْنًا وَبَيْنُوْنَةً وَبَيْنَهُمَا بَوْنٌ بِعِيْدٌ وَلَا يقال بَيْنٌ.
يَقْوْلُ: هُوَ مُحِبٌّ لأَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَنَا وَبَعْدَهُ:
إِنَّ الَّذِيْنَ نَعَيْتَ لى بِفِرَاقِهِمْ ... هُمْ أَسْهَدُوا لَيْلِي التَّمَامَ فَأَوْجَعُوا
(٤) الخَرْقُ الَّذِي قَدْ تَقَطَّعَ رِيْشهُ وَتَكَسَّرَ وَهُوَ أَشَدُّ لِضرْبِهِ فِي طَيَرَانِهِ وَهُوَ أَصَحّ مَا يَكُوْنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>