للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الفَقْرِ رَاضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صعُوْبَةُ الإِنْسَانِ. وَقَالَ أَبُو العتَاهِيَةِ (١):

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفَقْرَ يُرْجَى لَهُ الغِنَى ... وَإِنَّ الغِنَى يُخْشَى عَلَيْهِ مِنَ الفَقْرِ

وَقَالَ أَبُو العتَاهِيَةِ أَيْضًا (٢):

مِنْ شَرَفِ الفَقْرِ وَمِنْ فَضلِهِ ... عَلَى الغِنَى لَو صَحَّ مِنْكَ النَّظَر

انَّكَ تَعْصي اللَّهَ تَبْغِي الغِنَى ... وَلَسْتُ تَعْصي اللَّهَ كَي تَفْتَقِر

وَمِمَّا قِيْلَ فِي ضمِّ المَالِ: الغِنَى يُوْرِثُ البَطَرَ، المَالُ مَيَّالٌ، المَالُ مَلُوْلٌ، المَالُ لا يَنْفَعُكَ مَا لَمْ يُفَارِقُكَ، طَبْعُ المَالِ طَبْعُ الصَّبِيِّ لَا يُوْقَفُ عَلَى حِيْنِ رضَاهُ وَسَخطِهِ. قَدْ يَكُوْنُ المَالُ سَبَبُ حَتْفِ صَاحِبهِ كَمَا إِنَّ الطَّاوُوْسَ يُذْبَحُ لِحسْنِ رِيْشِهِ. قَالَ يَحْيَى بنُ معَاذٍ: الدِّرْهَمُ عَقْرَبٌ فَإِنْ أَحْسَنْتَ رُقيَتِهَا وَإِلَّا فَلَا تَأخذهَا.

وَمِمَّا قِيْلَ فِي مَدْحِ الغِنَى وَالمَالِ وَذَمِّ الفَقْرِ: لَو يَكُنْ فِي الغِنَى إِلَّا أَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَفَى بِهِ فَضلًا. إِنَّ الغَنِيَّ طَوِيْلُ الذَّيْلِ مَيَّاسٌ. اسْتَغْنِ أَو مُتْ. الآمَالُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالأَمْوَالِ. لَا مَجْدَ إِلَّا بِمَالٍ. الرِّجَالُ بِالأَمْوَالِ كَمَا إِنَّ النِّسَاءَ بِالرِّجَالِ. مَالُ الرَّجُلِ مَؤْئِلُهُ وَقُوْتُهُ قُوَّتُهُ.

وَمِمَّا قِيْلَ فِي ذَمِّ الفَقْرِ: مَجْمَعُ العُيُوْبِ. الفَقْرُ كنْزُ البَلَاءِ. كَادَ الفَقْرُ يَكُوْنُ كُفْرًا. لَا فَارِقَةَ كَالفَقْرِ. لَا أَدْرِي أَيّهُمَا أَمَرُّ مَوْتُ الغَنِيّ أَم حَيَاةُ الفَقِيرِ. الفَقْرُ المَوْتُ الأَكْبَرُ، القِلَّةُ ذلّةٌ. الفَاقَةُ المَوْتُ الأَصغَرُ قَالَ (٣):

وَلَمْ أَرَ بَعْدَ الدِّيْنِ خَيْرًا مِنَ الغِنَى ... وَلَمْ أَرَ بَعْدَ الكُفْرِ شَرًّا مِنَ الفَقْرِ

* * *

قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ الحَافِظُ أَحْمَدُ بن عَبْدِ اللَّهِ بن أَحْمَد الأَصفَهَانِيّ رَحَمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ (حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ وَطَبْقة الأصفياء): حَدَّثنَا سُلَيْمَانَ بن أَحْمَد حَدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بن


(١) البيت في ديوان أبي العتاهية: ١٤٥.
(٢) البيتان في ديوان أبي العتاهية: ٥٦٠.
(٣) البيت في التمثيل والمحاضرة: ٨٥ ولا يوجد في الديوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>