للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استقام لك أن تقول: إنَّ الكتاب احتوى على أربعمائة ألف بيت، وتهيَّأ لك أن تدرك مقدار الثروةِ التي ضمَّها هذا الكتاب.

وبهذا كان من شأن قارئ الكتاب أن يستدرك على كثيرٍ من صُنّاع الدواوين ما فاتهم من أشعار أولئك الشعراء الذين صنعوا دواوينهم، من مثل: ديك الجنّ، وأبي عليَّ البصير، وأبي هفّان، وابن أبي طاهر، ويحيى بن عليّ المنجم، وعلي بن محمد الحمّاني، وسابق البربري، وأبي دُلف العجليّ، ومحمد بن بشير الخارجي، ومحمد بن حازم الباهلي، وابن لنكك البصري، وعشرات غيرهم (١):

على أن قيمة الكتاب لا تتأتّى من هذه الثروة وحدها ففي كتب الاختيارات ابتداءً بحماسة أبي تمام وانتهاءً بجمهرة الجواهريّ ما هو من نفائس الشعر العربى، ومن عيونِه، وإنّما تأتي قيمتُه من أنَّ كلَّ كتب الاختيارات لا تُغني عنه. بل إنّه إذ يعتمد "الحماسة" لأبي تمام يدلك في اعتماده أنّ الذي بين أيدينا منها ليس هو ما تركه أبو تمام تمامًا: فقد كان بين يدي المؤلّف من كتاب أبي تمام شيءٌ أوفى مما هو بين أيدينا اليوم.

وإذا شئت أن أضرب لك مثلًا على ذلك أحلتُك تمثيلًا لا حصرًا على ما أورده أبو تمام في "الحماسة": برواية الجواليقي، طبعة وزارة الإعلام العراقية (٢)، وعلى قول كتابنا (٣)، لتجد أن الذي نقله مؤلفنا عن "الحماسة" يزيد على ما في المطبوع.

قال أبو تمام في حماسته: "وقال آخر:

وأَعرضُ عن مطاعمَ قد أراها ... فأترُكُها وفي بطني انطواءُ

فلا وأبيك ما في العيشِ خيرٌ ... ولا الدُّنيا إذا ذهبَ الحياءُ


(١) ينظر لكاتب هذه السطور مقالته "مما أُخلَّت به الدواوين" في مجلة "العرب" ج ٣، ٤ س: ٣٤. كانون الثاني شباط: ١٩٩٩، وما بعده.
(٢) حماسة أبي تمام ٣٣٩.
(٣) الدر الفريد - المخطوط ٥/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>