وَلَيْسَ بَخِيْلُ النَّفْسِ بِالمَالِ خَالِدٌ ... وَلَا مِن جَوادٍ فَاعْلَمِي متنَا هزْلا
ألا رُبَّ مَن يَخْشَى نَوَايِبَ قَوْمِهِ ... وَرَيْبُ المَنَايَا يُعَابُ بِهِ الفِعلا
وَيَا رَبَّ غَادٍ وَهُوَ يُرْجَى إيَابُهُ ... وَسَوفَ يُلاقِي دُوْنَ أوْبَتِهِ شُغْلا
العَتَّابيُّ:
٨٠٩٨ - ذَرِينِي تَجِئنِي ميتَتِي مُطمَئِنّةً ... وَلَم أَتَجَشَّم هولَ تِلكَ المَوَارِدِ
كَانَت امرَأةُ العتَّابِيُّ بَاهِليَّةً فَقَالَت لَهُ يَومًا هذَا مَنْصُور النَّمرِيُّ وَكَانَ تِلْمِيْذَ العتَّابِيُّ وَرَاوِيَتَهُ قَد أَخَذَ الأموَالَ الجمَّةَ فَحَلَّى نِسَاءَهُ وَبَنَى دَارَهُ وَاشْتَرَى الضيَاعَ وَأنتَ هاهُنَا كَمَا تَرَى فَأنْشَأ يَقُولُ:
تَلُومُ عَلَى تَركِ الغِنَى بَاهِلِيَّةٌ ... طَوَى الدَّهْرُ عَنْها كُلَّ طَرفٍ وَتَالِدِ
رَأتْ حَولَها النُّسْوَانِ يَرفُلْنَ كَالدُّمَى ... مُقَلِّدَةً أعنَاقُها بِالقَلايِدِ
أسَرَّكَ أنِّي نُلْتُ مَا نَالَ جَعْفَرٌ ... مِنَ المُلْكِ أو مَا نَالَ عَنِّي بنُ خَالِدِ
وَإنَّ أمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أغَصَّنِي ... مَغَصَّهُمَا بِالمُرْهَقَاتِ البَوادِرِ
ذَرِيْنِي تَجِئْنِي مَيْتَتِي مُطْمَئِنَّةً. البيت وبَعْدَهُ:
فَإنَّ جُسَيْمَاتِ المَعَالِي مَشُوبَةٌ ... بِمُسْتَوْدَعَاتٍ فِي بُطُونِ الأسَاوِدِ
لما قَالَ العتابي مُخَاطِبًا لامرَأتِهِ: أسَرَّكَ أنِّي نُلْتُ مَا نَالَ جَعفَر. البيت. قَالَت: أي وَاللَّهِ. فَقَالَ: فَلَمَّا قال: وَإنَّ أمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أغَصَّنِي مَغَصَّهُمَا. البيت. قَالَت: لا وَاللَّهِ. فَقَال: ذَرِيْني تَجِيئي مَيْتَتِي مُطْمَئِنَّةً. البيت. هُوَ عَمرو بنُ كُلْثُوم بنِ عُمروِ بنِ أيُّوب بنِ عُبَيْدُ بنِ حَبِيْس بنِ أوْسِ بنُ مَسْعُودِ بنُ عَبْدِ اللَّهِ بنُ عُمرو بنُ كَلْثُومِ الشَّاعِر وَهُوَ ابْنُ مَالِكِ بنِ عَبَّادِ بنِ سَعدِ بنِ زُهيْرِ بنِ جُشَمِ بنِ بكرِ بنِ حَبِيْبِ بنِ عَمرو بنِ غُنُم بنِ تَغْلِب. وَكَان العتَّابِيُّ شَاعِرًا مُتَرَسِّلًا بَلِيْغًا مَطْبُوعًا مُتَصَرِفًا فِي فُنُونِ الشّعْرِ مُتَقَدِّمًا وَكَانَ مِن شُعَرَاءِ الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ وَكَانَ شَيْخًا جَمِيْلًا جَلِيْلًا ثَابِتَ الجَأْشِ فِي الكَلامِ شَدِيْدَ الجَّوَابِ حَاضِرَ العَقْلِ حَسَنَ البَدِيْهةِ نَظِيْفَ الشَّارَةِ لَطَيْفَ العِبَارَةِ.
٨٠٩٨ - الأبيات في ديوان شعر كلثوم العتابي: ٥٣.