للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعْضِهِمَا مِنْ بَعْضٍ؛ لَيَصِحَّ مَعْنَاهُمَا. قِيْلَ لَهُ: وَكِيْفَ؟ قَالَ: لأنَّ ابنَ هَرمَةَ يَقُوْلُ: [من المتقارب]

وَإنِّي وَتَرْكِي نَدَى الأَكْرَمِيْنَ ... وَقَدْحِي بِكَفِّي زِنَادًا شِحَاحَا

كَتَارِكَةٍ بَيْضَهَا بِالعَرَاءِ ... وَمُلْحِفَةٍ بَيْضَ أُخْرَى جَنَاحَا

فَلَو جَعَلَ بَيْتُ ابنِ هَرمَةَ الثَّانِي ثَانِي بَيْتِ الفَرَزْدَفِ، لَصَحَّ مَعْنَاهُمَا، وَرَاقَ نَظْمُهُمَا.

وَكَانَ الفَرَزْدَقُ يَقُوْلُ: [من الطويل]

فَإِنَّكَ إِنْ تَهْجُو تَمِيْمًا وَتَرْتَشِي ... سَرَابِيْلَ قَيْسٍ أَوْ سَحُوْفَ العَمَائِمِ

[في المتقارب]

كَتَارِكَةٍ بَيْضَهَا بِالعَرَاءِ ... وَمُلْحِفَةٍ بَيْضَ أُخْرَى جَنَاحَا (١)

وَكَانَ ابْنُ هَرمَةَ يَقُوْلُ (٢):

وَإِنِّي وَتَرْكِي نَدَى الأَكْرَمِيْنَ ... وَقَدْحِي بِكَفِّي زِنَادًا شِحَاحَا

كَمُهْرِيْقِ مَاءٍ بِالفَلَاةِ وَغَرَّهُ ... سَرَابٌ أَثَارَتْهُ رِيَاحُ السَّمَائِمِ

وَانْتَقِدَ عَلَى البُحْتُرِيِّ قَوْلُهُ فِي المَدْحِ (٣): [من البسيط]

لِلشَّيْءِ وَقْتٌ وَإِبَّانٌ وَلَسْتَ تَرَى ... يَوْمًا لِنَائِلِهِ وَقْتًا وَإبَّانَا

وَقِيْلَ: هَذَا مَدْحٌ يَخْرُجُ فِي مَعْرِضِ الهِجَاءِ؛ لِنُقْصانِ لَفْظِ البَيْتِ عَنِ المَعْنَى المَطْلُوْبِ (٤)؛ فَإنَّ البُحْتُرِيَّ قَصَدَ بِهَذَا القَوْلِ أَنَّ هَذَا المَمْدُوْحَ كُلُّ زَمَانِهِ مَقْصُوْرٌ عَلَى


(١) هَذَا مِثْلُ قَوْلِ الآخَرِ:
كَانُوا كَتَارِكَةٍ بَنِيْهَا جَانِبًا سَفهًا ... وَغَيْرَهُمُ تَصُوْنُ وَتُرْضِعُ
(٢) الأغاني ٩/ ٤٣ - ٤٤.
(٣) ديوانه ٤/ ٢١٥.
(٤) كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَأبُو عُثْمَانَ الخَالِدِيَّانِ مِنْ خَوَاصِّ شُعَرَاءِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا مَرَّةً =

<<  <  ج: ص:  >  >>