طَرِبْتَ وَأَنْتَ أحْيَانًا طَرُوبُ ... وَكَيْفَ وَقَدْ تَعَلَّاكَ المَشِيْبُ
يحدُّ النَّأيُ ذكركَ فِي فُؤَادِي ... إِذَا ذَهَلَتْ عَلَى النَّأْي القُلُوبُ
يُؤَرِّقُنِي اكْتِئَابُ أَبِي نُمَيْرٍ ... وَقَلْبِي مِنْ كَآبَتِهِ كَئِيْبُ
فَقُلْتُ لَهُ هَدَاكَ اللَّهُ مَهْلًا ... وَخَيْرُ القَوْلِ ذِي اللُّبِ المُصيْبُ
عَسَى الكَرْبُ الَّذِي أمْسَيْتُ فِيْهِ. البَيْتُ وَبَعْدَهُ:
فَيَأمَنُ خَائِفٌ وَيُفَكُّ عَانٍ ... وَيَأتِي أهْلَهُ الرَّجُلُ الغَرِيْبُ
ألَا لَيْتَ الرِّيَاحُ مُسَخَّرَاتٍ ... بِحَاجَتِنَا تُبَاكِرُ أوْ تَؤُوبُ
فتخْبِرُنَا الشّمَالُ إِذَا أتَيْنَا ... وَتُخْبِرُ أهْلَنَا عَنَّا الجُنُوبُ
فَإنَّا قَدْ حَلَلْنَا دَارَ بَلْوَى ... فتخْطِئُنَا المَنَايَا أوْ تُصِيْبُ
فَإنْ يَكُ صَدْرُ هَذَا اليَوْم ... وَلَّى فَإنَّ غَدٍ لِنَاظِرِهِ قَرِيْبُ
وَقَدْ عَلِمَتْ سُلَيْمَى أَنَّ عُوْدِي ... عَلَى الحَدَثَانِ ذُو أيْدٍ صَلِيْبُ
وَإنَّ خَلِيْقَتِي كَرَمٌ وَأنِّي ... إِذَا بَدَتْ نَوَاجِذَهَا الحُرُوبُ
أعِيْنُ عَلَى مَكَارِمِهَا وَأخْشَى ... مَكَارِهَهَا إِذَا كَعَّ الهَيُوبُ
وَأنِّي فِي العَظَائِمِ ذُو غَنَاءٍ ... وَأُدْعَا لِلسَّمَاحِ فَأسْتَجِيْبُ
وَأنِّي لَا يَخَافُ الغَدْرَ جَارِي ... وَلَا يَخْشَى غَوَائِلِيَ القَرِيْبُ
وَقَدْ أبْقَى الحَوَادِثَ مِنْكَ ... رُكْنًا صَلِيْبًا مَا تُؤَيِّسُهُ الخُطُوبُ
عَلَى أَنَّ المَنَايَا قَدْ تُوَافِي ... لِوَقْتٍ وَالنَّوَائِبُ قَدْ تَنُوبُ
تُؤَيِّسُهُ: تُؤَثِّرُ فِيْهِ.
شَبَّهُ عَسَى بِكَادَ يُرِيْدُ الكَرْبُ الَّذِي أمْسَيْتُ فِيْهِ وَقَدْ تُشَبَّهُ كَادَ بِعَسَى كَقَوْلِهِ:
قَدْ كَادَ مِنْ طُولِ اللَّيْلِ أنْ يَمْصَحَا.
قَالَ: وَلِلْعَرَبِ فِي عَسَى ثَلَاثُ مَذَاهِبَ:
أحَدَهَا: أنْ يَقُولُوا عَسَيْتَ أنْ تَفْعَلَ وَعَسَيْتُمَا إِلَى عَسَيْتُنَّ.