الدُّنْيَا مَنْ يُخْبرُكَ غَيْرَهُ. قَالَ: فَأَخْرِجْهُ إِلَى لَعْنَةِ اللَّهِ وَجِئْنِي بِهِ. فَمَضيْتُ فَأخْرَجْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أمَيْرَ المُؤْمِنِيْنَ سَائلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَإِذَا سَألَكَ فَقُل: لا عِلْمَ لِي بهِ. فَإِذَا قَالَ لَكَ: مَنْ يَعْلَمُهُ فَقُلْ أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَارِقِيُّ. وَجئْنَا فَدَخِلْنَا عَلَيْهِ فَسَلَّمَ مُحَمَّد فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ ثُمَّ قَالَ مَا مَعْنَى: شَغَلَ الحَلْيَ أهْلُهُ أَنْ يُعَارَا. فَقَالَ: لا عِلْمَ لِي بِهِ يا أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: فَمَن يَعْلَمُهُ؟ قَالَ: أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَارِقِيُّ. فَقَالَ: تُحِيْلُ عَلَى مَحْبُوسٍ آخَرَ عَلَيْهِ مَالٌ مَبْلَغُهُ خَمْسَةُ آلافِ ألْفِ دِرْهَمٍ وَقَدْ جَنَح إِلَى كَسْرِهَا. فَقَالَ: يا أمَيْرُ المُؤْمِنِيْنَ لَيْسَ فِي خِدْمَتِكَ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا غَيْرُهُ. قَالَ: امْضِيَا وَاحْضِرَاهُ السَّاعَةَ، فَأخْرَجْنَاهُ وَقُلْتُ لَهُ أَنَّ أمَيْرُ المؤْمِنِيْنَ سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ لا تَعْرِفُهُ فَإِذَا سَألَكَ فَعَرِّفُهُ قُصُورَ مَعْرِفَتِكَ بِهِ، وَجِئْنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: صَعُبُ عَلَيْكَ إخْرَاجُ المَالِ وَلَو مَسَّكَ طَيْفٌ مِنَ التَّحْرِيْكِ لأخْرَجْتُهُ. قَالَ: يا أمَيْرُ المُؤْمِنِيْنَ المَالُ وَأضْعَافُهُ دُونَ تَمَنِ خِدْمَتِي لَكَ وَمَا مَضَى وَعُمْرِي فِي طَاعَتِكَ فَإنْ عَظُمَ فِي نَفْسِكَ فَدَيْنَاهَا بِالآبَاءِ وَالأمَّهَاتِ وَاشْتُرِيَ بِهِ رِضَاكَ وَافتدِيَ سَخْطُكَ. فَقَالَ مُطَالَبَة بَعْدَ أنْ وَقَعَتْ عَيْني عَلَيْكَ هَذَا يَقْدَحُ فِي الكَرَمِ وَهُوَ مَوْهُوبٌ لَكَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيْهِ، هَات قُلْ لِي مَا مَعْنَى: شَغَلَ الحَلْيَ أهْلُهُ أنْ يُعَارَا. فَقَالَ: لا عِلْمَ لِي بِهِ يا أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ. قَالَ: فَضرَبَ المُعْتَصِمُ بِيَدِهِ عَلَى لِحْيَتِهِ وَقَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُهُ قَدْ عَزَمْتُمْ عَلَيَّ إخْرَاج كُلُّ مَنْ فِي سِجْنِي بِسَبَبِ هَذَا البَيْتِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ حَمْدُونَ فَقُلْتُ: يا أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنَا أُخْبِرُكَ بِهِ. قَالَ: فَأيْنَ كُنْتَ إِلَى السَّاعَةِ؟ قُلْتُ: هَذَانِ كَانَا فِي حَبْسِكَ فَجَحَدْتُ مَعْرِفَتِي بِهِ وَجَعَلْتُ ذَلِكَ سَبَبًا لإخْرَاجِهِمَا. فَقَالَ: هَذِهِ عَشْرَةُ ألْفِ ألْفِ دِرْهَمٍ قَدْ طِبْتُ بِهَا نَفْسًا هَات قُلْ لِي مَا مَعْنَاهُ. قُلْتُ: أخْبَرَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بن المُعَذَّلِ قَالَ قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ رَجُلٌ تَاجِرٌ كَثِيْرُ المَالِ وَاسِعُ الحَالِ وَكَانَتْ لَهُ ثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَكَانَ يَتَمَنَّى الوَلَدَ فَلا يُرْزَقُ فَلَمْ يَزَلْ يُنْذِرُ النُّذُورَ حَتَّى رُزِقَ وَلَدًا ذَكَرًا بَعْدَ يَأسٍ فَشَغُفَ بِهِ شَغَفًا عَظِيْمًا وَمنَعَ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنَ الدَّارِ فَلَمَّا شَبَّ اخْتَارَ لهُ عِشْرِيْنَ رَجُلًا أُدَبَاءَ بُلَغَاءَ فُصَحَاءَ لِتَأدِيْبهِ وَكُنْتُ أحَدهُم فَلَمْ يَزَلْ يُؤَدِّبُهُ حَتَّى بَهَرَ فِي المَعْرِفَةِ فَقَالَ لِي يَوْمًا وَكَانَتْ نَوْبَتِي قَدْ علِمْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ دُنْيَا وَسَمَاءً وَأرْضًا وَخَلْقًا وَمَتَّى لَمْ أخْرُج لأُعَايِنَ ذَلِكَ خَشِيْتُ عَلَى عَقْلِي قَالَ فَأَعْلَمْتُ أبَاهُ وَأَشَرتُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute