للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَبْيَاتًا مِنْ قِفَا نَبْكِ، وَذَكَرُوا أَنَّ امْرَئِ القَيْسِ انتحَلَهَا، فَسَارَتْ لَهُ، وَخَمُلَ ابْنُ حُمَامٍ.

وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ: أَنَّ امْرَئ القَيْسِ بنَ حُمَامِ الكَلْبِيَّ كَانَ يَصْحَبُ امْرَئ القَيْسِ بن حُجْرٍ الكِنْدِيَّ، وَأَنَّهُ أوَّلُ مَنْ وَصفَ الدِّيَارَ وَهُوَ القَائِلُ (١): [من البسيط]

لآلِ هِنْدٍ بِجَنْبَيْ نَفْنَفٍ دَارُ ... لَمْ تَمْحُ جِدَّتَهَا رِيْحٌ وَأَمْطَارُ

إمَّا تَرَيْنِي بِجَنْبِ البَيْتِ مَضطجِعًا ... لَا يَطَّبِيْنِي لَدَى الحَيَّيْنِ إِبْكَارُ

فَرُبَّ نَهْبٍ تُصمُّ القَوْمَ رَجَّتُهُ ... أَفَأْتُهُ إِنَّ بَعْضَ القَوْمِ عُوَّارُ

وَكَانَ خِرَاشُ بن إسْمَاعِيْلٍ العِجْلِيُّ يَقُؤلُ: إِنَّ أَوَّلِيَّةَ بكْرِ بنِ وَائِلٍ كَانُوا يَحْلِفُوْنَ أَنَّ عَامَّةَ شِعْرِ امْرِيءِ القَيْسِ لِعَمْرُو بن قَمِيْئَةَ الرَّبْعِيِّ، وَأنَّهُ كَانَ يَصحَبُ امْرَأَ القَيْسِ، فَغَلَبَ عَلَى شِعْرِهِ. وَإِيَّاهُ أرَادَ أمْرُؤُ القَيْسِ بِقَوْلِهِ (٢): [من الطويل]

بَكَى صَاحِبِي لَمَّا رَأَى الدَّرْبَ دُوْنَهُ ... وَأَيْقَنَ أنَّا لَاحِقَانِ بِقَيْصرَا

وَاسْتَنْشَدَ أَبُو عَمْرُو بن العَلَاءِ الفَرَزْدَقَ يَوْمًا، فَأَنْشَدَهُ (٣): [من البسيط]

كَمْ دُوْنَ مَيَّةَ مِنْ مُسْتَعْمِلٍ قَذَفٍ ... وَمِنْ فَلَاةٍ بِهَا تُسْتَوْدَعُ العِيْسُ

فَقَالَ: يا سُبْحَانَ اللَّهِ أنْتَ قُلْتَ هَذَا؟ فَقَالَ الفَرَزْدَقُ: اكْتُمْهَا عَلَيَّ، فَوَاللَّهِ لَضَوَالُّ الشِّعْرِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ضوَالِّ الإِبلِ.

وَحَكَى ابْنُ سَلامٍ قَالَ: كَانَ أوَّلُ مَنْ جَمَعَ أشَعَارَ العَرَبِ، وَسَاقَ الأَحَادِيْثَ حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ. وَكَانَ غَيْرَ مَوْثُوْقٍ بِهِ، وَكَانَ يَنْحِلُ شِعْرُ الرَّجُلِ غَيْرَهُ، وَيُنْحِلُهُ غَيْرَ شِعْرِهِ، وَيَزِيْدُ فِي الأَشْعَارِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ يُوْنسُ النَّحْوِيَّ يَقُوْلُ: العَجَبُ مِمَّنْ يَأْخُذُ عَنْ حَمَّادٍ وَكَانَ يَكْذِبُ، وَيَلْحَنُ، وَيَكَسْرُ. قَالَ: وَلَمَّا رَاجَعَتِ العَرَبُ رِوَايَةَ أَشْعَارِهَا، وَذِكْرَ أَيَّامِهَا، وَمَآثِرِهَا، اسْتَقْبَلَ بَعْضُ العَشَائِرِ شِعْرَ شُعَرَائِهِمْ، وَمَا ذَهَبَ


(١) جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٤٥٨.
(٢) لامرئ القيس في ديوانه ص ٦٥.
(٣) لم يرد في ديوانه، والبيت والخبر في حلية المحاضرة ٢/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>