للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَثَالِثُهَا مَا أَوَّلُهُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ؛ فَإِنَّا سَنُوْرِدُهُ فِي آخِرِ الأَبْوَابِ، وَسَنَأْتِي بِهِ خَاتِمًا لأَبْيَاتِ هَذَا الكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَكُلُّ حَرْفٍ مِنْ هَذِهِ الحُرُوْفِ المُسْتَثْنَاةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَحِدَتِهِ يَجْرِي مَجْرَى غَيْرِهِ فِي تَزْييْبِ كُلِّ حَرْفٍ مِنْ أَوَّلِ الكَلِمَةِ مِنَ البَيْتِ فِي مَرْتَبَتِهِ، وما عَدَاهُ، فَهُوَ عَلَى مَا أَوْضَحَنَاهُ مِنْ قَبْلُ، وَشَرَحْنَاهُ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ أَبْوَابًا مَفْتُوْحَةً، وَفُصُوْلًا مَشْرُوْحَةً، وَأَعْلَامًا مَنْصُوْبَةً لَائِحَةً، وَسُبُلًا مَسْلوْكَةً وَاضِحَةً لَعَلَّ الَّذِي يَقِفُ عَلَيْهِ فِيْمَا بَعْدُ مِنْ فَضَلَاءِ النُّقَادِ إِذَا ظَفِرَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَفْرَادُ، مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيْهِ، يُثْبتُهَا فِي أَبْوَابِهَا، كَمَا يَرْتَضِيْهِ، لأَنَّنِي لَا أَدَّعِي الإحَاطَةَ بِهَا كُلِّهَا وَالاحْتِوَاءَ عَلَىَ كُثْرِهَا وَقُلِّهَا؛ فَإنَّ أَنْفَاسَ النَّاسِ لَا يَأتِي عَلَيْهَا الحَصرُ، وَلَا يَنْفَدُ أَوْ يَنْفَدُ العَصْرُ. كِيْفَ وَالمَادَّةُ يَسِيْرَةٌ، وَالمَوَانِعُ كَثيْرَةٌ، وَالحَوَادِثُ قَارِعَةٌ، وَالأَوْقَاتُ مُنَازِعَةٌ، وَالعُمُرُ أقْصَرُ مِنْ إِنْفَادِهِ فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ وَارتيَادِهِ، فَإنْ أَصبْتُ، فَلِي مِنَ الإِحْمَادِ نَصِيْبٌ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ، فَكُلّ مُجْتَهِدٍ مُصِيْبٌ. وَإلَى اللَّهِ الكَرِيْمِ أَرْغَبُ وَأَتَوَسَّلُ، وَبِهِ أَسْتَعِيْنُ وَعَلَيْهِ أَتَوَكَّلُ، وَإيَّاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَسْأَلُ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَرَاضِيْهِ، وَيُحَقِّقُ رَجَاءنَا الَّذِي نَحْنُ آخِذُوْن فِيْهِ، وَأنَّ لَا يُؤَاخِذَنَا بمَا نشغَلُ بِهِ الفِكْرَةَ، وَنَصرِفُ إِلَيْهِ الهِمَّةَ، مِمَّا غَيْرُهُ أَزْلَفُ لَدَيْهِ، وَأَزْكَى عَنْدهُ، وَأَقْرَبُ إِلَيْهِ، وَأنْ يَهْدِيْنَا لصَّوَابِ القَوْلِ وَالفِعَالِ، وَأَنْ يَتَوَلَّانَا فِي جَمِيعْ الأَحْوَالِ، إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ، وَبالإِجَابَةِ جَدِيْرٌ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيْلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيْمِ (١).


(١) قَالَ ابْنُ الرُّوْمِيّ (١):
يَمْلأُ القَلْبَ صَامِتًا وَتَرَاهُ ... يَمْلأُ القَلْبَ سَائِلًا وَمُجِيْبَا
إِنْ قَضَى طَبَّقَ المَفَاصلَ أَوْ ... سَاءَلَ أَعْيَا أَوْ قَالَ قَالَ مُصيْبَا
وَلأبِي تَمَّامٍ فِي قَرِيْبٍ مِنْهُ (٢):

<<  <  ج: ص:  >  >>