للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ابراهيمُ بن إسحَاق الموَصليُّ:

١٧٢٧٢ - يَا شِرعَةَ الماءِ قَد سُدَّتُ مَوَارِدهُ ... أَما إِليَكَ طَريقٌ غَيرُ مَسدُود

قال إبرَاهيمُ بنُ إسحاقَ المَوْصِليّ: كَانَ المأْمُونُ قد جَفَاني حين قَدمَ من خُراسانَ إلى بَغدادَ لِشَيْءٍ بلغَه عني فبقيتُ حينًا لا أصلُ إليهُ ولاحظَّ لي فِي دولته حتّى أضَّرّ ذلك بحالي ونَقْصتْ عندُ النّاسِ مَنْزِلَتي فَدَخَلَ عليّ مُخارقٌ يومًا ومَعهُ عُليّة فَقالا لي نحنُ اليومَ عندَ أمير المُؤمِنين فهلْ من حاجةٍ قُلتُ نَعمُ قد قُلتُ بيتين من الشعر أحبّ أنْ يلمحا سمعهُ الرحيبُ وحسبُ لا يَعلَم أنَّهما لي حَتّى يَسْمَعهُما ويسأَلُ عنهُما وهما (١):

يا شرعة الماء قد سدّت موارده ... أما إليك طريق غَيْر مسدودِ

الحائم حام حتَّى لا حراك به مُجلًا ... من طريق الماء مطرودِ

فأخذهما من رق ولحنهما وغنى بهما فِي شعره فِي حضرة المأمون فقال: لمن هذا الشعر؟

فقام بين يديه وقبَّل الأرض ثم قال: لعبدك ومملوكك إبراهيم بن إسحاق والموصلي:

قال: فأذن عند ذلك بإحضاري فِي مجلسهِ ورضي عني ورفع منزلتي على أحسن ما كانت عنده.

قالَ إبرَاهيمُ: وَكَانَ المأمونُ سَهلَ الْشّريعَةِ ليّنَ العَريكَةِ صبورًا عَلَى حَمْلِ الأَذى محبًّا للعفوِ مُؤثِرًا لَهُ ومَا دَنَا مِنْهُ أحدَ إِلَّا غَلَبَ عَلَيهِ كَائنًا منْ كَانَ كثير الحيَاءِ عظيمٌ ذا نَباهةِ وَكَرَمٍ فكان لو أَعْطَى رجُلًا كُلما فِي بيت المالِ لم يرَ أنَّه بَلَغ ما يجب لَهُ وما اعتدى على أحد منهُ قطُّ ولَا لَقيَهُ بمكْرُوهٍ أبدًا ولَا كلَّمَ صغيرًا من مكانِهِ إلا بمَا يُكلِّم بهِ أخاهَ أو ابنهُ أو وزيرَهُ.


١٧٢٧٢ - البيت في المنتحل: ٢٢١.
(١) البيتان في المنتحل: ١/ ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>