للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورعل وذكوان وعصية ثم ترك ذلك لما نزلت عليه الآية.

وهنا قال: "وفي هذا لا ينظر لأن ظاهر الآثار الماضية أن الآية نزلت أيام أحد، وقصة بئر معونة متراخية عن ذلك بمدة، لكن يمكن الجمع بأن نزولها تأخر حتى وقعت بئر معونة فكان يجمع الدعاء بين من شج وجهه بأحد، ومن قتل أصحاب بئر معونة، فنزلت الآية في الفريقين جميعًا فترك الدعاء على الجميع، وبقي بعد ذلك الدعاء للمستضعفين إلى أن خلصوا وهاجروا وهذه أولى من دعوى النزول مرتين".

وهذا تصريح آخر بقوله بتعدد الأسباب، وإن كان قد ذهب بعد في "فتح الباري" إلى أن ذكر نزول هذه الآية بلاغ من الزهري لا يصح، وعد الصواب نزولها في أحداث أحد على أنه لم يخل الأمر من احتمال فقال: "ويحتمل أن يقال إن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر نزول الآية عن سببها قليلًا، ثم نزلت في جميع ذلك"١.

ومهما يكن فإن هذا المعنى -أي تعدد الأسباب- تعدد منه في الفتح٢، مما يدل على أنه رأي له ملتزم، ووجدنا السيوطي يستند إليه٣.

وقد أورد هنا في كتابه هذا في آيات كثيرة أسبابًا متعددة، وعلينا حين نمر عليها أن نلاحظ أسانيدها، فإن لم يكن الترجيح بمرجح، وكانت غير متباعدة صرنا إلى القول بتعدد الأسباب.

وفيما يأتي بيان الآيات التي ذكر فيها أكثر من سبب، أبدأ بالآية وبجانبها رقم الأسباب.


١ "فتح الباري" "٨/ ٢٢٧".
٢ انظر "٨/ ٢١٣، ٢٢٧، ٢٣٣، ٥٣١، ٥٥٠".
٣ انظر "لباب النقول" "ص١٧٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>