للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهم في رجليه الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعده {مِنَ الْفَجْر} فعلموا أنما يعني الليل من النهار.

ثم نقل عن ابن عطية قوله: "روي أنه كان بين طرفي المدة عام "من رمضان إلى رمضان تأخر البيان إلى وقت الحاجة".

ونقل في "فتح الباري" عن القرطبي المحدث مثل هذا١ دون أن يذكر هو ولا ابن عطية من قبله دليلًا وسكت ابن حجر في كتابيه، وعلى أية حال فإن المهم وهو أن الحديث صريح ينزول جزء من الآية متأخر عنها. ويقول السيوطي في "التحبير"٢:

"والذي استقرئ من الأحاديث الصحيحة وغيرها أن القرآن كان ينزل على حسب الحاجة خمسًا وعشرًا وأقل، وآية وآيتين، وقد صح نزول قصة الإفك جملة وهي عشر آيات، ونزول بعض آية وهي قوله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ٣.

وهذا الحديث رواه البخاري من طرق متعددة منها عن ابن شهاب قال: حدثني سهل بن سعد الساعدي أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه؛ فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّه} فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها عليَّ قال: يا رسول الله والله لو استطيع الجهاد لجاهدت -وكان أعمى- فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي، فثقلت على حتى خفت أن ترض فخذي ثم سرّي عنه فأنزل الله {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} ٤.


١ "فتح الباري" "٤/ ١٣٤".
٢ انظر "النوع العشرين: كيفية النزول" "ص١١٧".
٣ النساء: "٩٥".
٤ "صحيح البخاري مع الفتح" "٨/ ٢٥٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>