فلا يمكن حشرها في هذه الكتب، وقولهم:"نزلت الآية في كذا" كلام عام يحتمل السببية وغيرها فهو ليس نصا هنا، فإذا لم نجد في الرواية حدثا خاصا فلا تؤخذ على أنها سبب نزول-بالمعنى الاصطلاحي- وإن كان ذلك يعد سببا بالمفهوم الأعم، ولو ذكرنا الأمور العامة التي نزل القرآن ليعالجها ويصححها ويرشد إليها لاتسع الأمر جدًّا وخرجنا عن المقصود.
وقد تواردت كلمات العلماء على أهمية هذا العلم وفوائده، وحسبه أن ينقلك إلى عصر النبوة فتعيش مع النص القرآني: كيف نزل ليعالج أمرا وقع أو سؤالا عرض، وتعرف الظرف الزماني والمكاني لذلك الحدث، وتكاد تكون شاهدا له، مشاركا فيه، وتفهم الموضوع بأبعاده ومراميه تماما.
وهذا العلم بالغ الأهمية في الدراسات التاريخية والاجتماعية، ولم يلتفت إليه بعد، للإفادة منه في هذين المجالين، وسيقدم هذا الكتاب زادا كبيرا لمن سيقوم بذلك. ويجب أن يعلم: أن هذا العلم يقوم على النقل الصحيح المرفرع، وما جاء عن صحابي فله حكم الرفع، كذلك ما جاء عن تابعي ولكن بشروط.
ومن نتائج الفصل الثالث:
١- أن هذا الكتاب أوسع الكتب المؤلفة في أسباب النزول التي وقفت عليها-كما قلت قريبا- وعنوانه "العجاب في بيان الأسباب" وهو ثابت النسبة إلى ابن حجر، نسبه هو لنفسه في كتابه "الإصابة" وذكر فيه كتابين معروفين له، ونسبه إليه تلميذاه البقاعي والسخاوي ثم من جاء بعدهما، وقد ألفه قبل "٨٢٧" جزما، والظاهرأنه أكمله ولكن ضاع سائره بعد وفاته بقريب، ومن أسباب ذلك أنه تركه مسودة، وقد بيضه عالم كبير هو الشيخ عبد الحق السنباطي "٨٤٢-٩٣١" وينتهي ما وجده