وكذلك اتباعاً لهدي النبي- صلى الله عليه وسلم - في مكاتباته ومراسلاته، ككتابته إِلى هرقل عظيم الروم كما جاء ذلك في حديث أبي سفيان في أول صحيح البخاري.
ولما استقرَّ عليه عمل الأئمة الْمُصَنِّفين، فقد قال الحافظ في [الفتح] : ‘‘وقد استقر عمل الأئمة الْمُصَنِّفين على افتتاح كتب العلم بالبسملة، وكذا معظم كتب الرسائل’’.
ولعل الْمُصَنِّف - يرحمه الله - حَمِدَ وتَشهَّد نطقاً عند وضع الكتاب، ولم يكتب ذلك اقتصاراً على البسملة؛ لأن القدر الذي يَجْمع الأمور الثلاثة: ذِكْر الله، وقد حَصَل بها.
قوله:(بسم)
جار ومجرور، وهما متعلقان بمحذوف تقديره (أؤلف) أَوْ نحوه من المعاني الصحيحة السائغة. والاسم من السُّمُو لغة على الصحيح، وهو ما كان لْمُسَمَّى، وسيأتي - بإذن الله - الكلام عنه في موضعه.
قوله:(الله)
مخفوض على الإضافة، وهو مشتق من (أَلَهَ) ومنه قول رؤبة:
نعت بعد نعت، هذا هو المشهور؛ لكن قال في [المغني] : ‘‘الرحمن: بدل لا نعت، والرحيم بعده: نعت له’’. وهما اسمان لله يتضمنان صفة الرحمة، واخْتُلِفَ في التفريق بينهما، وأحسن ما قيل: إن الرحمن دالٌّ على الصفة القائمة بالذات، والرحيم دال على تعلُّقها بالمرحوم.
لطيفة:
كثيراً ما يعزو الشراح بدء الْمُصَنِّف بالبسملة إِلى حديث:(كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) فهو أقطع) ، والحديث أخرجه عبد القادر الرُّهَاوِي في كتابه [الأربعين] ؛ لكنه ضعيف لا يصح، وبذلك قطع أئمة، ومنهم: الحافظ ابن حجر، والسخاوي وآخرون، رحمة الله على الجميع.
قال الْمُصَنِّف - رحمه الله - (الكلام هو: اللفظ المركب المفيد بالوضع)