للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا آخر ما يُقال في باب الفاعل، وإن كان فيه بعض الأحكام، وهي من حيث الأصل في ترتيب الجملة الفعلية التي فيها فاعل، الأصل أن يُبدأ بالفعل ثم يُذكر الفاعل بعده ثم يُذكر المفعول به، وقد يُخالف هذا الأصل، وأحيانًا تكون المخالفة واجبة، وأحيانًا تكون المخالفة جائزة، وقد يُلتزم هذا الأصل وجوبًا.

أذكر لكم بعض هذه المواضع فقط ولن أطيل فيها، نبدأ بالتزام الأصل، التزام الأصل إما جائز وإماواجب، فالجائز نحو قولك "أكرم محمدٌ عليًّا"، يمكن أن تقول "أكرم عليًّا محمدٌ"، ويمكن أن تقول "عليًّا أكرم محمدٌ"، ما فيه إشكال، هذه صورة، وهذه صورة جائزة.

فيه صورة أخرى واجب التزام الأصل، كقولك "أكرم موسى عيسى"، لأن الفاعل هنا لا تظهر عليه علامة أنه مرفوع، ولا تظهر علامة النصب على المفعول به، فإذا لم توجد في الكلام قرينة لفظية ولا معنوية فإنه يجب التزام الأصل، يعني يجب أن يكون المتقدم في هذين اللفظين ـ أعني موسى وعيسى ـ هو الفاعل، فإذا ظهر في الكلام ما ينبئ بأن المتقدم هو المفعول به والفاعل هو المتأخر فلا إشكال، مثلا قولك "أرضعت الصغرى الكبرى"، طبعًا المرضع هو "الكبرى"، هذه قرينة معنوية، لا مانع، و"أكل الكمثرى موسى"، الآكل هو موسى، لا مانع أن يتأخر لأنه معروف، "أكرم موسى العاقلَ عيسى"، عيسى أخرناه، لماذا مع أنه فاعل، ويوجد تشابه والحركة غير ظاهرة؟ لا، فيه ظهور وهو أن موسى هذا موصوفٌ بقوله العاقل، معنى هذا أن المتقدم مفعول به وأن الفاعل متأخر، هذا من ناحية التزام الأصل وعدم التزامه.

<<  <   >  >>