للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحيانًا يجب توسط المفعول به بين الفعل والفاعل، يذكرون من شواهده قول الله عزّ وجلّ ? وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ? [البقرة: ١٢٦] ، توسط المفعول به بين الفعل والفاعل وجوبًا، لم؟ لأنك لو أخرت المفعول به وأتيت بالترتيب فقلت في الكلام العادي "وإذ ابتلى ربُه إبراهيم" لعاد الضمير في "ربه" على كلمة إبراهيم وهي متأخرة لفظًا ورتبة، وهذا لا يجيزه معظم النحويين.

ومن مخالفة الأصل وجوبًا، وذلك بتقديم المفعول به على الفعل والفاعل أن يكون المفعول به من الألفاظ التي لها الصدارة، كأن يكون اسم استفهام مثلا، أو أن يكون اسم شرط، كقول الله عزّ وجلّ ? أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ? [الإسراء: ١١٠] ، ? أَيًّا ? هنا مفعول به مقدم وجوبًا، لم؟ لأن أسماء الشرط لها الصدارة، "أيّ رجلٍ قابلت؟ "، هذه أيضًا من الألفاظ التي لها الصدارة فيجب تقديمها.

فإذًا في بعض الأحيان يجب التزام الأصل، في بعض الأحيان يجب مخالفة الأصل، وفي بعض الأحيان تكون المسألة جائزة، والحمد لله رب العالمين.

بقي نقطة أخرى، لكن ربما يذكر المصنف هذا الكلام فيما بعد، لكن إن ذكرها ما أعدنا شرحها، وإن لم يذكرها فنكون قد شرحناها، وهي أن الفاعل قد يكون مؤنثًا، وقد يكون مؤنثًا تأنيثًا حقيقيًّا، فيجب أن تُلحق علامة بالفعل تدل على أن الفاعل مؤنث، كقولك "أكرمت هندٌ جارتها"، فالتاء في "أكرمت" واجبة الذكر، لأن "هند" مؤنث حقيقي التأنيث غير مفصولٍ عن عامله. هل يجوز لنا مع كون الفاعل مؤنثًاحقيقي التأنيث ألا نؤنث الفعل أو ألا نلحق به علامة دالة على التأنيث؟ نعم، لكن بشرط أن يُفصل بين الفعل والفاعل، يعني يمكن أن تقول "أكرمت اليوم هندٌ جارتها"، ويمكن أن تقول "أكرم اليوم هندٌ جارتها"، لأن هند فُصلت عن العامل مع أنها مؤنث حقيقي التأنيث.

<<  <   >  >>