* وَلِمَا في ذلِك َ مِنَ التَّشَبُّهِ باِليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى، وَقدْ نهيْنَا عَنْ مُشَابَهَتِهمْ في دَقِيْق ِ الأُمُوْرِ فكيْفَ بعَظِيْمِهَا؟!
وَمِنْ أَهْل ِ العِلمِ: مَنْ أَضَافَ عِلة ً ثالِثة ً، وَهِيَ: نجاسَة ُ القبوْرِ أَوْ مَظِنَّة ُ ذلك.
وَهَذِهِ العِلة ُ وَإنْ كانتْ تُضَمُّ لِمَا سَبَقَ مِنَ العِلل ِ، إلا َّ أَنهَا ليْسَتْ العِلة َ الكبْرَى في الحكمِ كمَا قدْ بينا ذلك في فصْل ٍ تقدَّمَ (ص٢٧ - ٤٣)، وَأَنهَا رُبَّمَا جَامَعَتِ العِللَ الكبْرَى وَرُبَّمَا تخلفتْ عَنْهَا.
إلا َّ أَنهُ عَلى قوْل ِ هَؤُلاءِ: تكوْنُ حُرْمَة ُ الصَّلاةِ في عَامَّةِ القبوْرِ أَشَدَّ وَأَكبَرَ مِنْ حُرْمَتِهَا عِنْدَ قبوْرِ الأَنبيَاءِ، لِمَظِنَّةِ نجَاسَةِ ترْبةِ عَامَّةِ المقابرِ، وَطهَارَةِ ترْبةِ قبوْرِ الأَنبيَاءِ قطعًا.
ثمَّ إنَّ الضّابط َ الذِي وَضَعَهُ - مَعَ بُطلانِهِ - غيْرُ مُنْضَبطٍ: فمَالضّابط ُ في القبوْرِ المعَظمَةِ؟
فكمْ مِنْ قبْرٍ مُعَظمٍ عِنْدَ قوْمٍ، مُهَان ٍ مَلعُوْن ٍ عِنْدَ غيْرِهِمْ، وَهَذَا قبْرُ ابْن ِ عَرَبيٍّ الصُّوْفيِّ بدِمَشْقَ، كانَ مَزْبَلة ً يُلقى فِيْهَا النتَنُ، بَلْ ذكرَ الشَّعْرَانِيُّ في «طبَقاتِهِ» (١/ ١٦٣): أَنهُ كانَ يبالُ عَلى قبرِه!
وَبَقِيَ عَلى ذلِك َ حَتَّى دَخَلَ السُّلطانُ العُثْمَانِيُّ سَلِيْمُ الأَوَّلُ (ت٩٢٦هـ) دِمَشْقَ في القرْن ِ العَاشِرِ، فبنى عَليْهِ مَشْهَدًا! وَعَمَرَ قبتهُ! وَعَظمَهُ! وَعَمِلَ عَليْهِ أَوْقافا! وَجَعَلَ لِلفقرَاءِ المتعَلقِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute