للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلا تتخِذُوْهَا قبوْرًا»: أَبيَنُ البيان ِ عَلى أَنَّ الصَّلاة َ في المقبرَةِ غيْرُ جَائِزَة) اه.

قالَ العَلامَة ُ أَبوْ عَبْدِ اللهِ ابْنُ قيِّمِ الجوْزِيةِ في «إعْلامِ الموَقعِيْنَ» (١/ ٣٩ - ٤٠): (وَقدْ غلِط َ كثِيْرٌ مِنَ المتأَخِّرِيْنَ، مِنْ أَتباعِ الأَئِمَّةِ عَلى أَئِمَّتِهمْ بسَبَبِ ذلِك َ، حَيْثُ توَرَّعَ (١)

الأَئِمَّة ُ عَنْ إطلاق ِ لفظِ «التَّحْرِيْم» ِ، وَأَطلقوْا لفظ َ «الكرَاهَة».

فنفى المتأَخِّرُوْنَ «التَّحْرِيْمَ»، عَمّا أَطلقَ عَليْهِ الأَئِمَّة ُ «الكرَاهَة».

ثمَّ سَهُلَ عَليْهمْ لفظ ُ «الكرَاهَةِ»، وَخفتْ مُؤْنتهُ عَليْهمْ: فحملهُ بَعْضُهُمْ عَلى التَّنْزِيه.


(١) - هَذَا مَخْصُوْصٌ ببَعْض ِ مَسَائِلَ لمْ يَجْزِمُوْا بتَحْرِيْمِهَا، فأَطلقوْا فِيْهَا لفظ َ «الكرَاهَةِ»، لاحْتِمَالهِ الأَمْرَين ِ: التَّحْرِيْمَ، وَمَا دُوْنه.
وَلمْ يَكنْ هَذَا مُطرِدًا عِنْدَهُمْ، بَلْ كانَ في مَسَائِلَ مَخْصُوْصَةٍ، لمْ يَظهَرْ لهمْ فِيْهَا التَّحْرِيْم.
أَمّا عُمُوْمُ إطلاقِهمْ لِلفظِ «الكرَاهَةِ»: فكانوْا يُطلِقوْنهُ بإطلاقِهِ الشَّرْعِيِّ اللغوِيِّ، فِيْمَا كرِهَهُ الله ُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُوْلهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ مُحَرَّمٍ وَمَا دُوْنه.
لهِذَا رُبَّمَا سُئِلوْا عَنْ أَمْرٍ فأَطلقوْا فِيْهِ لفظ َ «الكرَاهَةِ»، ثمَّ سُئِلوْا عَنْهُ أُخْرَى فأَطلقوْا لفظ َ «التَّحْرِيْم».
وَمِنْ ذلِك َ: قوْلُ الإمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ في لحوْمِ الجلالةِ وَأَلبانِهَا: «أَكرَهُهُ»، كمَا في رِوَايةِ الأَثرَم. ثمَّ تَصْرِيْحُهُ باِلتَّحْرِيْمِ في رِوَايةِ حَنْبَلَ وَغيرِه.
وَمِنْهُ: كرَاهِيَتُهُ أَيضًا لأَلبان ِ الأُتن ِ، وَهِيَ مُحَرَّمَة ٌ عِنْدَه.
وَهَذَا أَمْرٌ تقدَّمَ تقرِيرُهُ، فلا حَاجَة َ لِلإعَادَة.

<<  <   >  >>