وَلِهَذَا جَمَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَحْق ِالتَّمَاثِيْل ِ، وَتَسْوِيةِ القبوْرِ المشْرِفةِ، إذْ كانَ بكليْهمَا يتوَسَّلُ بعِبَادَةِ البَشَرِ إلىَ اللهِ، قالَ أَبوْ الهيّاجِ الأَسَدِيُّ: قالَ لِي عَلِيٌّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: «أَلا أَبْعَثُك َ عَلى مَا بَعَثنِي عَليْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَلا َّ تدَعَ تِمْثالا ً إلا َّ طمَسْتهُ، وَلا قبْرًا مُشْرِفا إلا َّ سَوَّيته»، رَوَاهُ الجمَاعَة ُ إلا َّ البُخارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ [حم (١/ ١٢٩، ٨٩) م (٩٦٩) د (٣٢١٨) ت (١٠٤٩) ن (٢٠٣١)]) اه.
وَقالَ أَيْضًا رَحِمَهُ الله ُفي «شَرْحِ العُمْدَةِ» (٢/ ٤٥٠ - ٤٥١): (وَأَمّا مَنْ يُصَلي عِنْدَ القبْرِ اتفاقا مِنْ غيْرِ أَنْ يَقصِدَهُ: فلا يَجُوْزُ أَيضًا، كمَا لا يَجُوْزُ السُّجُوْدُ بَيْنَ يَدَيْ الصَّنَمِ وَالنارِ وَغيْرِ ذلِك َ مِمّا يُعْبَدُ مِنْ دُوْن ِ اللهِ، لِمَا فِيْهِ مِنَ التَّشبهِ بعُبّادِ الأَوْثان ِ، وَفتْحِ بَابِ الصَّلاةِ عِنْدَهَا، وَاتهَامِ مَنْ يَرَاهُ أَنهُ قصَدَ الصَّلاة َ عِنْدَهَا.
وَلأَنَّ ذلِك َ مَظِنَّة ُ تِلك َ المفسَدَةِ، فعُلقَ الحكمُ بهَا، لأَنَّ الحِكمَة َ قدْ لا تَنْضَبط ُ، وَلأَنَّ في ذلِك َ حَسْمًا لِهَذِهِ المادَّةِ، وَتَحْقِيْقَ الإخْلاص ِ وَالتَّوْحِيْدِ، وَزَجْرًا لِلنُّفوْس ِ أَنْ تتعَرَّضَ لها بعِبَادَةٍ، وَتَقبيْحًا لِحَال ِ مَنْ يَفعَلُ ذلِك َ، وَلِهَذَا نهَى النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن ِ الصَّلاةِ عِنْدَ طلوْعِ الشَّمْس ِ، لأَنَّ الكفارَ يسْجُدُوْنَ لِلشَّمْس ِحِيْنَئِذٍ).
ثمَّ قالَ رَحِمَهُ الله ُ (٢/ ٤٥٢ - ٤٥٣): (فهَذِهِ هِيَ العِلة ُ المقصُوْدَة ُ لِصَاحِبِ الشَّرْعِ في النَّهْيِّ عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ، وَاتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ، لِمَنْ تَأَمَّلَ الأَحَادِيْثَ وَنظرَ فِيْهَا، وَقدْ نصَّ الشّارِعُ عَلى هَذِهِ العِلةِ كمَا تقدَّم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute