للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأَمّا الترَابُ إنْ كانَ نجسا: فهَذِهِ عِلة ٌ أُخْرَى، قدْ تُجَامِعُ الأُوْلىَ، لكِنَّ المفسَدَة َ النّاشِئَة َ مِنَ اتخاذِهَا أَوْثانا، أَعْظمُ مِنْ مَفسَدَةِ نجاسَةِ الترَاب.

فإنَّ تِلك َ تقدَحُ في نفس ِ التَّوْحِيْدِ وَالإخْلاص ِ، الذِي هُوَ أَصْلُ الدِّين ِ، وَجِمَاعُهُ وَرَأْسُهُ، وَالذِي بُعِثَتْ بهِ جَمِيْعُ المرْسَلِيْنَ ... وَقدْ تفارِقُ الأُوْلىَ إذا كانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الترَابِ حَائِلٌ مِنَ البسَاطِ وَنحْوِهِ، أَوْ كانتِ المقبَرَة ُ جَدِيْدَة ً، لا سِيَّمَا المسْجدُ المبْنِيُّ عَلى قبْرِ نبيٍّ أَوْ رَجُل ٍ صَالِحٍ، فإنَّ ترْبتهُ لمْ يُدْفنْ فِيْهَا غيْرُهُ، فلا نجَاسَة َ هُنَاك َ البَتَّة َ، مَعَ مَا فِيْهِ مِنْ نهْي الشّارِع).

ثمَّ قالَ (٢/ ٤٥٨ - ٤٥٩): (وَقدْ بَينا أَنهُ لا يَجُوْزُ أَنْ يُرَادَ بتِلك َ الأَحَادِيْثِ، المقبَرَة َ العَتِيْقة َالمنْبُوْشة َ فقط، لأَنهُ نهَى عَن ِ الصَّلاةِ في المقبَرَةِ، وَنهَى عَن ِ اتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ، وَنهَى عَن ِ اتخاذِ قبْرِ النَّبيِّ أَوِ الرَّجُل ِ الصّالِحِ مَسْجِدًا.

وَمَعْلوْمٌ أَنَّ قبوْرَ الأَنبيَاءِ لا تنبش.

وَلأَنَّ عَامَّة َ مَقابرِ المسْلِمِيْنَ في وَقتِهِ كانتْ جَدِيْدَة ً، وَلا يَجُوْزُ أَنْ يُطلقَ اسْمُ المقبَرَةِ، وَيرِيْدُ بهَا مَقابرَ المشْرِكِيْنَ العُتَّق ِ، مَعَ أَنَّ المفهُوْمَ عِنْدَهُمْ مَقابرُهُمْ، وَلا يَجُوْزُ أَنْ يُرِيْدَ بهَا مَا يتجدَّدُ مِنَ القبوْرِ العُتَّق ِ، دُوْنَ المقابرِ الموْجُوْدَةِ في زَمَانِهِ وَبَلدِهِ، فإنَّ مَا يَعْرِفهُ المتكلمُ مِنْ أَفرَادِ العَامِّ، هُوَ أَوْلىَ باِلدُّخُوْل ِ في كلامِه.

<<  <   >  >>