للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَبَقِيَ النّاسُ عَلى هَذَا أَياما، وَالميِّتُ مَكشُوْفٌ يُبْصِرُهُ النّاسُ، حَتَّى ظهَرَ نتنُ رَائِحَتِه.

وَجَاءَ جَمَاعَة ٌ مِنْ أَذكِيَاءِ بَغْدَادَ، فتفقدُوْا كفنهُ فوَجَدُوْهُ خَامًا! وَوَجَدُوْا تَحْتَهُ حَصِيرًا جَدِيْدًا! فقالوْا: «هَذَا لا يُمْكِنُ أَنْ يَكوْنَ عَلى هَذِهِ الصِّفةِ، مُنْذُ أَرْبَعِ مِئَةِ سَنة!

فمَا زَالوْا يُنقبوْنَ عَنْ ذلِك َ حَتَّى جَاءَ وَالِدُ الصَّبيِّ فأَبصَرَ ابنهُ، فقالَ لِلنّاس ِ: «هَذَا وَاللهِ وَلدِي، وَكنْتُ دَفنْتُهُ عِنْدَ السّبْتيّ».

فمَضَى مَعَهُ قوْمٌ إلىَ المكان ِ، فرَأَوْا القبْرَ قدْ نبشَ، وَليْسَ فِيْهِ مَيِّت!

فلمّا سَمِعَ المتزَهِّدُ ذلِك َ: هَرَبَ، فطلبُوْهُ وَظفِرُوْا بهِ، فقرَّرُوْهُ فأَقرَّ أَنهُ فعَلَ ذلِك َ حِيْلة! فأُخِذَ وَأُرْكِبَ حِمَارًا، وَشُهِّرَ به.

وَهَذَا حَالُ قبوْرٍ كثيْرَةٍ، ليْسَ فِيْهَا أَحَدٌ، أَوْ فِيْهَا ضَالٌّ، أَوْ كافِرٌ، أَوْ غيْرُ ذلِك َ، فإنْ كشِفَ حَالُ قبْرٍ مِنْهَا: فقدْ بَقِيَتِ الأُخْرَى.

وَهَذَا حَالُ كثِيْرٍ مِنْ قبوْرِ الأَوْلِيَاءِ المزْعُوْمِينَ في مِصْرَ وَغيْرِهَا، أَعْرَضْتُ عَنْ ذِكرِ حَال ِ كثِيرٍ مِنْهَا، لِعَدَمِ تَعَلق ِ حُكمٍ بهَا أَصْلا ً، سَوَاءٌ ثبتَ أَنَّ مَنْ فِيْهَا وَلِيٌّ صَالِحٌ، أَوْ فاسِقٌ طالِح.

وَمَنْ صَرَفَ لِمَيِّتٍ شَيْئًا مِنَ العِبَادَةِ، سَوَاءٌ كانَ الميِّتُ نبيًّا، أَوْ وَلِيًّا أَوْ دُوْنَ ذلِك َ: كانَ مُشْرِكا كافِرًا، كمَا تقدَّمَ تقرِيرُهُ، فكيْفَ إذا كانَ القبرُ قبْرَ يهُوْدِيٍّ أَوْ نصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوْسِيّ؟!

<<  <   >  >>