أَمّا إنْ كانَ شَدُّهُ لِرَحْلِهِ قاصِدًا القبْرَ الشَّرِيْفَ: فهَذَا آثِمٌ، مُخالِفٌ لِقوْل ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُرْتكِبًا لِنَهْيه.
وَمِنَ المعْلوْمِ: أَنَّ كلَّ مَنْ زَارَ المسْجِدَ النَّبَوِيَّ: زَارَ قبْرَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَوَاءٌ كانَ بَاعِثهُ عَلى السَّفرِ المسْجِدُ أَوِ القبْرُ، إلا َّ أَنَّ الأَوَّلَ مُثابٌ لِمُوَافقتِهِ السُّنَّة َ، وَامْتِثالِهِ أَمْرَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالآخرَ آثِمٌ لِمُخالفتِهَا.
وَقدْ سُئِلَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ عَمَّنْ شَدَّ رَحْلهُ لِزِيَارَةِ شَيْءٍ مِنْ قبوْرِ الأَنبيَاءِ وَالصّالِحِيْنَ، أَيَجُوْزُ لهُ ذلك؟ وَهَلْ لهُ التَّرَخُّصُ برُخص ِ المسَافِرِيْنَ أَوْ لا؟ وَمَاصِحَّة ُ مَا جَاءَ في ذلِك َ مِنْ أَحَادِيْثَ بالمنْعِ أَوِ الإبَاحَة؟
فأَجَابَ رَحِمَهُ الله ُ جَوَابًا وَافِيًا شَافِيًا، هَذَا نصُّهُ:
(الحمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ، أَمّا مَنْ سَافرَ لِمُجَرَّدِ زِيَارَةِ قبوْرِ الأَنبيَاءِ وَالصّالِحِينَ، فهَلْ يجُوْزُ لهُ قصْرُ الصَّلاةِ؟ عَلى قوْليْن ِ مَعْرُوْفيْن ِ:
أَحَدُهُمَا - وَهُوَ قوْلُ مُتَقدِّمِي العُلمَاءِ الذِيْنَ لا يُجَوِّزُوْنَ القصْرَ فِي سَفرِ المعْصِيَةِ، كأَبي عَبْدِ اللهِ ابْن ِ بَطة َ، وَأَبي الوَفاءِ ابْن ِ عَقِيْل ٍ، وَطوَائِفَ كثِيْرَةٍ مِنَ العُلمَاءِ المتقدِّمِيْنَ-: أَنهُ لا يَجُوْزُ القصْرُ فِي مِثْل ِ هَذَا السَّفرِ، لأَنهُ سَفرٌ مَنْهيٌّ عَنْه.
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ: أَنَّ السَّفرَ المنْهيَّ عَنْهُ فِي الشَّرِيْعَةِ لا يُقصَرُ فِيْه.
وَالقوْلُ الثانِي: أَنهُ يَقصِرُ، وَهَذَا يَقوْلهُ مَنْ يُجَوِّزُ القصْرَ فِي السَّفرِ المحَرَّمِ، كأَبي حَنِيْفة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute