للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيقوْلهُ بَعْضُ المتأَخِّرِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ الشّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، مِمَّنْ يُجَوِّزُ السَّفرَ لِزِيَارَةِ قبوْرِ الأَنبياءِ وَالصّالِحِيْنَ، كأَبي حَامِدٍ الغزّالِيِّ، وَأَبي الحسَن ِ ابْن ِعَبْدُوْس ٍ الحرّانِيِّ، وَأَبي مُحَمَّدٍ ابْن ِ قدَامة َالمقدِسِيّ.

وَهَؤُلاءِ يَقوْلوْنَ: إنَّ هَذَا السَّفرَ ليْسَ بمُحَرَّمٍ، لِعُمُوْمِ قوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زُوْرُوْا القبوْر» (١).

وَقدْ يَحْتَجُّ بَعْضُ مَنْ لا يَعْرِفُ الحدِيْثَ باِلأَحَادِيْثِ المرْوِيةِ فِي زِيارَةِ قبْرِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كقوْلِهِ «مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي: فكأَنمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي» رَوَاهُ الدّارَقطنِيّ (٢/ ٢٧٨).

وَأَمّا مَا ذكرَهُ بَعْضُ النّاس ِ مِنْ قوْلِهِ: «مَنْ حَجَّ وَلمْ يَزُرْنِي: فقدْ جَفانِي»: فهَذَا لمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِن العُلمَاء.

وَهُوَ مِثْلُ قوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ زَارَنِي وَزَارَ أَبي إبْرَاهِيْمَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ: ضَمِنْتُ لهُ عَلى اللهِ الجنة».

فإنَّ هَذَا أَيضًا باتفاق ِ العُلمَاءِ: لمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ، وَلمْ يَحْتَجَّ بهِ أَحَدٌ، وَإنمَا يَحْتَجُّ بَعْضُهُمْ بحدِيْثِ الدّارَقطنِيِّ وَنَحْوِه.

وَقدِ احْتَجَّ أَبوْ مُحَمَّدٍ المقدِسِيُّ (٢) عَلى جَوَازِ السَّفرِ لِزِيارَةِ


(١) - رَوَاهُ مُسْلِمٌ في «صَحِيْحِهِ» (٩٧٦) مِنْ حَدِيْثِ أَبي هُرَيْرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْه.
(٢) - «المغني» لابْن ِ قدَامَة (٣/ ١١٧ - ١١٨).

<<  <   >  >>