((كان ضياء كوك ألب يريد أن ينشئ تركيا جديدة تكون صلة بين الأتراك العثمانيين وبين أسلافهم الطورانيين، فقد كان يريد أن يقوم بإصلاح مدني بواسطة المعلومات التي جمعها عن التنظيمات السياسية والمدنية في عهد الأتراك قبل الإسلام، كان ضياء يعتقد ويؤمن بأن الإسلام الذي وضعه العرب لا يصلح لشأننا، ولابد لنا من إصلاح ديني يوافق طبائعنا إذا لم نرجع إلى عهدنا الجاهلي (١)) .
ومما لا شك فيه أن هذه النزعة قد وجدت في الترك وكذلك في الإيرانيين في الزمن الأخير:
قال المرحوم الأمير ((شكيب أرسلان)) وهو الخبير الثقة فيما يتعلق بالترك فضلاً عن العرب لطول مكثه في تركيا وكان عضواً في مجلس الأمة:
((وهناك فئة ثانية تدعى الفئة الطورانية تخالف الفئة الأولى، - أي الفئة التي تقول بالقومية العثمانية الإسلامية - في كل هذه النظريات، وأشهر دعاتها ضياء كوك ألب وأحمد أغائف، ويوسف أقشورا اللذان قدما من روسيا، وجلال ساهر، ويحي كمال، وحمدالله صبحي رئيس وجاق ((تورك بوردي)) ومحمد أمين بك الشاعر الملي، وكثير من الأدباء والمفكرين، وأكثر الطلبة والنشء الجديد. وهؤلاء يزعمون أن الترك هم من أقدم أمم البسيطة وأعرقها مجداً، وأسبقها إلى الحضارة، وأنهم هم والجنس المغولي واحد في الأصل، ويلزم أن يعودا واحداً، ويسمون ذلك بالجامعة الطورانية، ولم يقتصروا منها على الترك الذين في سيبريا وتركستان الصين وفارس والقوقاس والأناضول والروملي، بل مبدؤهم مد هذه الرابطة إلى المغول في الصين، وإلى المجر والفنلانديين في أوربا، وكل ما يقال إنه ينتمي إلى أصل طوراني، وهم يقولون بخلاف ما يقول الأولون، فهم ترك أولاً ومسلمون ثانياً، وشعارهم عدم التدين وإهمال الجامعة الإسلامية، إلا إذا كانت خادمة لنفوذ القومية الطورانية
، فتكون عندئذ واسطة لا غاية، وقد غلا كثير من هذه الفئة في الطورانية حتى قالوا: نحن أتراك فكعبتنا طوران، وهم يتغنون بمدائح جنكيز، ويعجبون بفتوحات المغول، ولا ينكرون شيئاً من أعمالهم، وينظمون الأناشيد للأحداث في وصف الوقائع الجنكيزية ليطبعوهم على الإعجاب بها ويرقوا
(١) محاضرات ((خالدة أديب هانم)) في الجامعة الملية بدلهي.