للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مستوى نفوسهم بزعمهم (١)) .. وقال أيضاً:

((وهذا ولما كان هذا العصر عصر القوميات كما لا يخفى اقتداء بالأمم الأوربية في الزمن الأخير كانت القومية الفارسية قد أخذت تشتد أكثر من ذي قبل، وذلك نظير ما حصل عند الترك، وصار كثير من ناشئة الفرس يبحثون عن دين فارس القديم، وذلك نظير ناشئة الترك الذين أخذوا يبحثون عن عبادات أجدادهم وعن الذئب الأبيض الذي كانوا يعبدون، حتى صوروه في بعض كتبهم الحديثة، وقال لهم المرحوم (موسى كاظم) شيخ الإسلام - وهو الذي أخبرني بذلك -: إن العرب كانت عندهم عبادات كهذه تقشعر منها الأبدان، ولكنهم اقتلعوها بالإسلام وافتخروا بأن الله لطف بهم وأنقذهم منها ورفعهم عن مستوى تلك السفالات. وأما أنتم فتريدون أن تتناسوا الاعتقاد بالبارئ تعالى وتتذكروا عبادة الذئب الأبيض، فيا للأسف)) .

((فكما حصل عند الترك حصل عند الفرس وصار ناشئتهم يبحثون عن أديانهم القديمة التي منها الكيومرتية (أي تعظيم النور) والتحرز من الظلمة. ومن هنا جاءتهم عبادة النار، ومنها فرقة (زرادشت) الذي كان يدعو إلى وحدانية الله، ويقول: إنه خالق النور والظلمة وإن الخير والشر إنما حصلا بامتزاجهما، وإنهما لو لم يمتزجا لما كان وجود للعالم، إلى غير ذلك من العقائد والأوابد والآثار التي كانت عند قدماء الفرس: كالثنوية، والزردشتية، والمانوية، ومنهم من يبحث عن المزدكية التي كانت تدعو إلى الإلحاد والإباحية (٢)) .

الديانة القومية الأوربية وأركانها:

والخطوة الثانية في هذا الطريق أن أصبحت الشعوب والدول في أوربا، الصغيرة منها والكبيرة، عوالم مستقلة لا ترى العالم خارج الخطوط التي خطتها الطبيعة من جبال وأنهار، أو خطتها بيدها من غاية سياسية واستعمار، ولا تعترف


(١) من حواشي الأمير ((شكيب أرسلان)) على حاضر العالم الإسلامي الجزء الأول ص ١٥٨ - ١٥٩.
(٢) حواشي حاضر العالم الإسلامي الجزء الأول ص ١٦٤ - ١٦٥.

<<  <   >  >>