والبحر وتحتهما، والأطفال يتحدثون على الأسلاك البرقية، والآلات الكاتبة صامتة، وتملأ الأسنان من غير إيجاع، والزروع تنمى بالكهرباء، والشوارع تفرش بالمطاط، وأشعة روتنجن (x-rays) نوافذ نطل منها على داخل أبداننا، والصور المتحركة تتكلم وتغني، ويكشف عن المجرمين والمغتالين باللاسلكية، والغواصات تذهب إلى القطب الشمالي والطيارات تطير إلى القطب الجنوبي ومع ذلك كله لا نقدر في وسط مدننا الكبرى أن نخصص رحبة يلعب فيها أطفال الفقراء في راحة وسلام، ونتيجة ذلك أنا نقتل منهم ألفين (٢٠٠٠) ونجرح منهم تسعين ألفاً (٩٠٠٠٠) سنوياً، قال لي فيلسوف هندي في انتقاده اللاذع لإطرائي لعجائب حضارتنا: وكان بعض سواق السيارات قد نجح في قطع ثلثمائة أو أربعمائة ميل في ساعة على رمال (pendine) ، وطارت طائرة من موسكو إلى نيويورك في فترة قليلة من الزمن قال الفيلسوف: نعم! إنكم تقدرون أن تطيروا في الهواء كالطيور وتسبحوا في الماء كالسمك، ولكنكم إلى الآن لا تعرفون كيف تمشون على الأرض (١)) .
ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم:
وقد أصبحت هذه المخترعات والمكتشفات الجديدة - مما كانت تعود على النوع الإنساني بخير كبير لو كان مستعملها يعرف الخير ويقدر أن يتجه إليه - أصبحت وضررها أكبر من نفعها، وكان كما قال القرآن عن السحر:{وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ} . اسمع شاهداً من أهلها ينتقد هذه المخترعات ويبوح بالحقيقة وهو ((جود)) السابق الذكر:
((وقد استطعنا أن نسافر بسرعة زائدة من مكان إلى مكان، ولكن الأمكنة التي نسافر إليها قلما نصلح للسفر، وقد زويت الأرض للرحالين وتدانت الأمم ووطئ بعضها عتبة بعض، ولكن كان نتيجة ذلك أن توترت العلاقات بينها وأصبحت أسوأ مما كانت، أما المرافق التي استطعنا بها أن نتعارف بجيراننا فقد عادت فحشرت