للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العالم في الحرب، اخترعنا آلة الإذاعة

وتحدثنا بها إلى الشعوب المجاورة والأمم الشقيقة، ولكن كان عاقبتها أن كل شعب يستنفد موارد الهواء لإيذاء الشعب المجاور ومعاكسته، إذ يجتهد أن يقنعه بفضل نظامه السياسي على نظامه (١)) .

((انظر إلى الطيارة التي تحلق في السماء يخيل إليك أن صانعيها كانوا في علمهم ولباقتهم وصناعتهم فوق البشر، والذي طاروا عليها أولاً لاشك أنهم كانوا في علو همتهم وعزمهم وجرأتهم أبطالاً مغاوير، ولكن انظر الآن إلى المقاصد التي استعملت لها الطيارة وتستعمل لها في المستقبل، إنما هي قذف القنابل وتمزيق جثث الإنسان وخنق الأحياء وإحراق الأجساد وإلقاء الغارات السامة، وتقطيع المستضعفين الذي لا عاصم لهم من هذا الشر إرْباً إرباً، وهذه إما مقاصد الحمقى أو الشياطين (٢)) .

((وما عسى أن يقول المؤرخ غداً كيف كنا نستعمل معدن الذهب؟ سيذكر أنا توصلنا إلى أن نخبر عن الذهب باللاسلكي، وسيستعرض الصور التي تمثل اللياقة والمهارة التي كان أصحاب المصارف يزنون بها الذهب ويعدونه، وكيف تحدينا قانون الجاذبية في نقله من عاصمة إلى عاصمة، وسيسجل أن أشباه الوحوش الذين كانوا ماهرين وجرآء في فتوحهم الصناعية كانوا عاجزين عن التعاون الدولي الذي كان يقتضيه ضبط الذهب والتقسيم الصحيح، وكانوا لا يعنون إلا بأن يدفنوا المعادن بالسرعة الممكنة، وكانوا يستخرجون الذهب والمعادن من بطون الأرض في جنوب إفريقية، ويدفنونها في مصارف لندن ونيويورك وباريس (٣)) .

ويتناول هذه البحث - التفاوت بين العلم والصناعة وبين الأخلاق الإنسانية، وإخفاق الحضارة الحديثة في أداء رسالتها - مفكر آخر يجمع بين العلم بالفلسفة والعلوم الطبيعية في تحليل أدق وأسلوب أعمق وهو الدكتور (Alexis Carrel) في كتابه - الإنسان، ذلك المجهول - (Man the Unknown.) :


(١) Guide to Modern Wickedness. p. ٢٤٧.
(٢) Guide to Modern Wickedness. p. ٢٦٢.
(٣) Guide to Modern Wickedness. p. ٢٦٢.

<<  <   >  >>